صلاح سلام

الخميس ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 08:41

المصدر: صوت لبنان

تواضعوا وتنازلوا

يبدأ كثير من اللبنانيين صباح اليوم العد العكسي لولادة الحكومة العتيدة، بعد تعثر دام أسبوعين، بقيت خلالها التكهنات تتراوح بين التفاؤل يوماً، والتشاؤم أياماً، عطفاً على تطورات الانتخابات الرئاسية المحتدمة في أميركا!

ثمة وهم كبير في الأوساط اللبنانية، مفاده أن مصير الحكومة اللبنانية الجديدة مرتبط بنتائج الانتخابات الأميركية، وكأن الأولوية المطلقة في برامج عمل المرشحين المتنافسين ترامب وبايدن تتعلق بالوضع الحكومي، ومناورات السياسيين السخيفة التي تعطل الولادة الحكومية، وتهدر المزيد من فرص إنقاذ هذا البلد المنكوب بمثل هذه الطبقة السياسية الفاسدة والفاشلة!

ربّما بعض الأطراف الحزبية المحلية وحلفائهم الإقليميين، يحلوا لهم أن يتظاهروا بمقدرتهم الفائقة على التأثير على أحداث دولية وتداعياتها على الوضع الإقليمي، في حين أن المبادرة الفعلية تبقى في أيدي الدول العظمى التي تمارس شتى فصول «لعبة الأمم» في بلادنا، وشعوبنا تدفع الأثمان الغالية من استقرارها وأمنها وثرواتها، على إيقاع الشعارات الرنانة، والخطب الطنانة، التي تحوّل الهزائم المؤلمة إلى انتصارات وهمية فارغة.

أليس من السخافة بمكان الإيحاء للبنانيين بأن القرار الأول للرئيس الأميركي الفائز بعرش الأمبراطورية العالمية، سيكون الإفراج عن الحكومة اللبنانية الجديدة، وأن العقد والعراقيل التي عطلت عملية التأليف طوال الأسبوعين الماضيين، ستختفي بكبسة زر أميركية، وأن المساعدات ستنهال على لبنان من كل حدب وصوب، لإخراج البلد من مهاوي الانهيارات المدمرة.

أما موضوع المحاصصات الجشعة، والتمسك بأساليب التسلط والاستئثار بفرض الأزلام والمحاسيب في الوزارات، عوض اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص والنزاهة في تشكيل فريق حكومي منسجم، وقادر على إنقاذ السفينة من الغرق المحتم، قبل فوات الأوان، فكلها لا تدخل في حسابات تأليف الحكومة الجديدة، التي ستكون الفرصة الأخيرة للعهد الحالي لتفادي السقوط النهائي في دوامة الأزمات المستفحلة، والتي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.

فهل يتواضع فريق العهد، ويتخلى عن ذهنية الاستئثار، ويعود إلى منطق التوازن، رحمة بالعهد وسيده أولاً، ووفاءً لناسه وجمهوره ثانياً وثالثاً ورابعاً؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها