عباس الحلبي

الأثنين ٢٣ كانون الأول ٢٠١٩ - 08:55

المصدر: صوت لبنان

ثلاثون عاماًعلى إتفاق الطائف… أين لبنان منه اليوم؟

فنانو السياسة في لبنان عِوَضَ أن ينتجوا الحلول فَهُم بارعون في إفتعال المشاكل والأزمات. 

وعِوَضَ أن يأتيَ التكليف ليفتحَ نافذة أمل في الأفقِ المسدود فإذا بالبلد أمام أزمة ربما يعصى حلّها في المدى القريب ونحن لا نملك ترف الوقت وإضاعة الفرص.

وبالمناسبة وكل مناسبة، تُطرَح إشكاليات تطبيق الدستور والميثاق التي يستفيد منها كل فريق بحسب مصالحه وأهوائه ويفسّرها على هواه. بما يعيد طرح السؤال:

“ثلاثون عـاما”على إتفاق الطائف… أين لبنان منه اليـوم؟”

سؤال يُثير أكثر من إلتباس وأكثر من إشكالية. فَحِراك اللبنانيين أعادَ صياغة مشكلة النظام السياسي. فبعض الحناجر تطالب بتغيير النظام وبعضها الآخر يطالب بتنفيذ بنود الدستور. ومنذ إقراره كدستور معدَّل، تقف الطبقة السياسية إزاءه في مواقف مختلفة: جزءٌ منها تولَّى الحكم بعد إقراره ولَم يعمَل على تنفيذِه وإن نفّذه فبشكل مشوَّه. وجزءٌ منها يعارضه منذ البدء والمفارقة أنه اليوم في سدَّة الحكم أقسم عليه اليمين إلتزاما” وتعهدا” ولكن الممارسة تنبئ بغير ذلك والأمثلة عديدة. والجزء الثالث لا يقيم إعتبارا” له بل يطالب بمؤتمر تأسيسي جديد توصلا” إلى عقد إجتماعي وسياسي جديد ولا يبالي إن طبّق أو لم يطبَّق إن إنتهِك أو لم ينتهك. 

لكن الجيل الجديد في حِراكِه بعضه لا يعرف ربما أبعاد المطالبة بتغيير الدستور الذي كلَّفت إصلاحاته اللبنانيين حربا” قضَت على نهضَة لبنان وأثقلته بتداعيات لم نخرج منها للآن. وبعضه الآخر يطالب بتحقيق الدولة المدنية وهي منصوصٌ عنها في الدستور عن طريق طرح تنفيذ المادة 95 منه التي تنص على إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس الشيوخ. 

لا شكّ أن الإنتفاضة أنهَت الحرب الأهلية بتحطيم الحواجز بين اللبنانيين وفي تحقيق وحدة الساحات في كل المناطق من الجنوب إلى أقاصي الشمال مرورا” ببيروت وبعض نقاط الساحل والجبل. أهميتها أنها أخرجت اللبنانيين من قوقعة المذهبية والمناطقية ووحدتهم حول قضاياهم المعيشية وحاجاتهم اليومية. كما سمعنا مطالبات بقانون موحَّد للأحوالِ الشخصية وهذا Tabou لدى المؤسسات الدينية في كل الطوائف عدا رجال الدين الممسكين بمصير اللبنانيين من المهد إلى اللحد. 

ولكن ضوضاء الشارع يجب ألاّ تضيّع البوصلة التي يجب أن ترسو عليها الدولة. هل العلّة في النظام وهو بحسب القائلين يحمل كامل مسؤولية الفوضى التي نعيشها وتجعل من البلاد غير قابلة للحكم أم أن دستورا” آخرا” جديدا” يمكن أن تنتظم فيه حال البلاد والعباد. وهل هذه الطبقة السياسية إذا أعطيت دستورا” مثل دستور فرنسا أو الولايات المتحدة أو أي دولة راقية أخرى يحصّن واقع البلاد أم أنَّ المشكلة فعلا” هي في النص.

ومن جهةٍ أخرى فإنّ البعض يقول بأن إنشاء الدولة المدنية التي يتساوى فيها اللبنانيون في الحقوق والواجبات وطبعا” المراكز هي الوحيدة التي تعطي الإطمئنان لِهواجس الطوائف وهل يمكن تحقيقها بدون الإلغاء التام للطائفية وجعل البلد “علمانيا” مع ما يستتبع ذلك من أثر على القوانين الطائفية. 

هل فعلا” أن لبنان مُقبِل على تغييرات على مستوى النظام السياسي أم أنه مُقبل على خروج عن أي نظام وصولا” إلى الفوضى؟

سؤالٌ بِرَسم المسؤولين أولا” فلا يمكن تحميل المنتفضين تبعة السقوط بعدما فشل هؤلاء في إدارةِ أزماتِ البلاد وعطَّلوا المؤسسات وانتهكوا الدستور والأعراف ويعجزون حتى عن تشكيل الحكومات.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها