صلاح سلام

الخميس ١٦ نيسان ٢٠٢٠ - 08:29

المصدر: صوت لبنان

ثورة العنف على الأبواب

لا شك أن الحجر المنزلي أحد التدابير الأساسية والفعّالة لتطويق انتشار وباء الكورونا، الذي فاجأ العالم كله، واجتاح القارات والمحيطات، وأوقع مئات الألوف من الضحايا على حين غرة.

ولكن البلدان التي اعتمدت هذا الإجراء عمدت إلى تقديم حزمة مساعدات لمواطنيها، خاصة الموظفين والعمال الذين فقدوا أعمالهم، لتمكينهم من الصمود في منازلهم بمواجهة الجائحة الخبيثة، وحفاظاً على الحد الأدنى من الأمن والاستقرار، مع ارتفاع معدلات البطالة بهذه الوتيرة المتسارعة.

في لبنان، اتخذ الحجر المنزلي اتجاهاً مختلفاً، حيث اكتفت الدولة بتعطيل الحياة العامة، وإلزام اللبنانيين البقاء في بيوتهم، مع ما اقتضى كل ذلك من إقفال للمصانع و«المُولات» والمتاجر، وإعطاء مبرّر شرعي للمصارف لإغلاق أبوابها، والتهرّب من مسؤولية تلبية حاجات زبائنها، الأمر الذي أدى إلى تسريح ألوف العمال والموظفين، وفقدان ألوف أخرى من المياومين والسائقين وصغار الكسبة وأصحاب الدكاكين فرص تأمين لقمة عيش عيالهم، مما اضطر الكثير منهم إلى الخروج من العزل المنزلي، خاصة في المناطق الفقيرة، في المدن والأرياف، مخاطرين باحتمال إصابتهم بالوباء الفتاك.

مع الأخذ بعين الاعتبار التدابير الاستشفائية الناجعة لمعالجة المصابين بالكورونا، لم تنجح الدولة في تقديم الحد الأدنى من الدعم للمواطنين الغلابى، لتمكينهم من الصمود في منازلهم، وتعويض ما أمكن للذين فقدوا أعمالهم، وطبعاً غابت كل التسهيلات، حتى لا نقول المساعدات، للمؤسسات الصناعية والتجارية والسياحية، التي كانت تعاني أصلاً من صعوبات جمّة، بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي التي سيطرت على البلد في السنوات الأخيرة، وإهمال الدولة إيجاد الأسواق اللازمة لها.

إلى متى يستطيع اللبناني البقاء في الحجر المنزلي في ظل هذه الظروف الصعبة، واستمرار إقفال المصارف، والتهديد بتنفيذ خطط «الهيركات»، وتعطيل الحياة العامة، التي فاقمت الأوضاع المتردية التي تتخبط فيها البلاد والعباد منذ فترة ليست قصيرة؟

أما آن الأوان لتعيد الحكومة النظر بقرارات الحجر المنزلي ومنع التجوّل والتمهيد لإعادة إطلاق ورشة الحياة في البلد؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها