سناء الجاك

الأثنين ٢٣ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 15:32

المصدر: سكاي نيوز عربية

حاجة “الحزب” إلى صواريخ “سنية”

فقد بدأت أطراف مرتبطة بحركة “حماس” وبفلسطينيّ غزة تعلن صراحة خيبتها لإحجامه حتى الساعة عن فتح جبهة جنوب لبنان لدعم الحركة ونصرتها، وتعيب عليه “تخاذله” عن الانخراط فعليا في المعركة لردع العدو الإسرائيلي، وليس الاكتفاء بإلهائه من خلال عمليات نوعية، تستوجب حشودا عسكرية إسرائيلية على الجبهة الشمالية، لكنها لا تغير المعادلات لتساهم بربح “حماس” لمعركتها الحالية.

وتسأل هذه الأطراف عن معادلة “توحيد الساحات”، على ما أوحت به التوجهات الإيرانية التي سبقت عملية “حماس” على غلاف غزة، ومن الساحة اللبنانية تحديدا.

وفي حين يعتبر الحزب أن مثل هذه الأسئلة تدخل في باب المزايدات، وأن أمينه العام حسن نصر الله، يعلم ما لا يعلم المزايدون، ويقود المرحلة لحظة بلحظة وفق معلوماته وحساباته الدقيقة.. وفي حين يدرك الحزب أن فتح الجبهة الجنوبية ليست صفقة بطولية مربحة في ظل رفض غالبية اللبنانيين، لحرب مدمرة محتملة، تقضي على ما تبقى من كيان الدولة ومؤسساتها.. كما يدرك أن تصاعد الرفض الداخلي لأي مغامرة يجر لبنان إليها عارم ومجهول التداعيات، ويتوقع غياب التضامن معه وتحميله مسؤولية أي انزلاق مأساوي للوضع اللبناني جراء إمساكه بقرار الحرب والسلم..

إلا أن الكلمة الأخيرة في “توحيد الساحات” وفتح الجبهات تبقى لإيران وليس للحزب. وإيران على ما يبدو لم تتخذ قرارها حتى الآن بهذا الشأن، لذا سيبقى على الحزب البقاء في حيز ما هو عليه حتى إشعار آخر..

وسيبقى مسؤولو الحزب على خطابهم المدروس للرد على الانتقادات وتدوير الزوايا مع “حركة حماس” وقطع الطريق على المزايدين، من دون إغفال دور الفريق المعارض الذي يراهن على عجز الحزب عن دخول معارك كبيرة ويتمنى خسارته في أي مواجهة محتملة.

وفي الوقت الضائع بين اللاحرب واللاسلم، يسعى “حزب الله” لترميم التصدعات التي أحدثها بقاؤه في مساحته الرمادية. ويحرص على الحد من أي خسائر مرتقبة مهما كانت الخطوات المقبلة على صعيد تطورات المعركة الحالية.

وبناء عليه، فقد حرص على التأكيد أنه ملتزم بقواعد الاشتباك بينه وبين إسرائيل، وعلى نشر مصطلحات بشأن تحركاته وهجماته تنفي أن يكون قد أخلَّ بالقرار الدولي 1701، الذي أوقف القتال بعد حرب يوليو (تموز) 2006، واستحدث لهذه الغاية شريطا حدوديا يضمن شروط اللعبة، فلا يوقف هجماته المدروسة، ولا يتسبب بحالة نزوح جماعي لأهل الجنوب اللبناني.

وأيضا حرص على تسهيل هجمات لحلفاء من جماعات الممانعة الفلسطينية من الأراضي اللبنانية، مثل “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، بما يؤشر إلى التنسيق والتعاون بين أذرع المحور. والأهم أنه بدأ يضع على خشبة مسرح العمليات جماعات لبنانية “سنية” بغية اجتذاب شرائح واسعة من المسلمين السنة في لبنان، لينفي عن نفسه تهمة احتكار التحكم بمصير البلد، وأيضا لتبنيه فريق من المسيحيين، كان إلى فترة قريبة حليفا ويشكل غطاء للحزب وسياساته وقراراته، بأن البديل جاهز..

فمصلحة الحزب تقضي بحشد أكبر عدد من التنظيمات المسلّحة على جبهة الجنوب، تؤمن له “الغطاء السني” إذا ما اضطر لحرب تتأرجح بورصتها صعودا وهبوطا على ضوء التطورات العسكرية من جهة والجهود الدبلوماسية من جهة أخرى.

ووفق هذا المنظور، شهد الشريط الحدودي المستحدث إطلاق صواريخ نحو مواقع إسرائيلية، تبنته “قوات الفجر” التابعة للجماعة الإسلامية، التي لم تكن يوما في التداول، ولكن للضرورة أحكام، تستوجب تحصين الجبهة الداخلية عندما يعلن رأس المحور أن ساعة الصفر حلّت.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها