عباس الحلبي

الأثنين ٢٤ آب ٢٠٢٠ - 13:14

المصدر: صوت لبنان

حمى الله لبنان من الفتنة والمفتنين

تبرز جلياً التناقضات في المواقف بين أقطابِ الطوائف. فالأمين العام لحزب الله يعتبر نفسه  وفريقه غير معنيين بالمحكمة الدولية وبعد أن يطلبَ من الحكومة تصريف الأعمال يعلن أنَّ اي مشروع لحكومةٍ جديدة يجب أن تتأمن له التغطية السياسية فضلاً عن أنه يعارض طلب لجنة تحقيق دولية في انفجار مرفأ بيروت منسجماً مع ما أعلنه وزير الخارجية الايراني مؤكداً إستمرار المواجهة ضد اميركا واسرائيل ودول الخليج. الطائف غائب. 

بالمقابل البطريرك يطالب بتحقيق دولي وبحكومة من الشعب خارج الطبقة السياسية التي أمعنت في تدمير وإفلاس البلد ويشرح في مؤتمرٍ صحفي نظرته حول حياد لبنان الناشط درءاً لإقحامه في النزاعات الإقليمية والدولية مؤكداً التعاطف مع قضايا العرب العادلة لا سيّما قضية فلسطين. الطائف غائب.

مفتي الجمهورية بعد إنتقاده العنيف لأهل السلطة يطالب بالتحقيق الدولي ودعوة المسؤولين الفاشلين التخلي عن مهامهم عن طريق الانتخابات النيابية المبكرة وتأليف حكومة من أهلِ الكفاءة. كما يعتبر أنَّ أولى مهام الحكومة الجديدة تنفيذ القرار القضائي بشأنِ جريمة إغتيال الرئيس الحريري. الطائف حاضر. 

ليس جديداً الخلاف في الداخل بين أقطابِ الطوائف ولكن كان يمكن حلّه بالتسويات عندما تتوفر عناصره ويلعب رئيس الجمهورية بصفته الحكم دوراً مهماً في إيجادِ المخارج. الجديد أن الرئيس لا يحمل هذه الصفة ولا يعير إهتماماً للطائف. 

ازاء هذا التناقض تُطرَح من جديد فكرة الشراكة المسيحية الاسلامية في لبنان ومصير الدستور المنبثق من اتفاق الطائف الذي ينص على حل الميليشيات وتطبيق القرارت الدولية والتمسك بالمبادئ العشر لوثيقة الوفاق الوطني. والخلاف يصيب بعض هذه الثوابت. إذن على ماذا يجتمع اللبنانيون بعد؟ 

صدرَ قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وبِغَضّ النظر عن مضمون القرار والنتيجة التي خَلصَ إليها لجهة الإدانة والتبرئة فبينما قَبِلَ ولي الدم الحكم ورضخ له وزِّعَت الحلوى في المناطق التي ينتمي إليها المتهمون وعُلِّقَت اليافطات. 

الوطنُ وحدةُ مشاعر فإن لَم تراعَ أينَ الوحدة؟ 

في انفجار المرفأ لم تُذرف الدمع على الضحايا والتدمير في بعض الاوساط بينما ذُرِفَت في مناسباتٍ أقل أهمية. لَم تفتح البيوت لإستضافة النازحين المدمرة بيوتهم في وقتٍ فُتِحَت البيوت في كل المناطق لاستقبال الهاربين من العدوان. لماذا إستحضار الائمة والانبياء في أي مباراة لكرة القدم أو في مناسبات التشييع. لماذا إقتحام المناطق بالسلاح الظاهر وإطلاق النار إستفزازاً. وغيرها كثير. بِما يشير إلى هشاشة ما أوصلنا إليه حكام لبنان الذين لا يكفي ما أقدموا عليه من جرائم ضد لبنان واللبنانيين وأمعنوا في تدمير القطاعات فحولوا البلاد التي كانت واحة حرية وعيش هانئ إلى ساحة للصراعات والتهديد والقتل والإلغاء والإقصاء وخصوصاً الفقر والحرمان والتهجير.

الأمل في الناس العاديين لفتح كوة في الجدار السميك فعِوَضَ أن يعمد المسؤولون إلى إزالة الحواجز وبناء الجسور نرى الامعان في بناء الحيطان والسدود. فالمنتفضون لا يقبلون بفك الشراكة ويطالبون ببناء الدولة الكفيلة بإنقاذ الكيان القائم على هذه الشراكة، الشراكة لا تكون بهيمنة فريق على فريق ولا تكون بالغلبة ولا بالتهديد بالسلاح. الشراكة كما يعبر عنها المواطنون المنتفضون تقوم على الكرامة للجميع والدولة للجميع والقانون بالتساوي بين الجميع.

حمى الله لبنان من الفتنة والمفتنين.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها