عباس الحلبي

الأثنين ٢٤ شباط ٢٠٢٠ - 08:09

المصدر: صوت لبنان

حمى الله لبنان وشعبه من الكورونا والفساد والفشل

بين المحللين والمتحدثين الذين يطلّونَ ليليا” على شاشاتِ التلفزيون وسماع اللبنانيين لهم يبشّرونهم بالكوارث والأوضاع المؤلمة، يمضي اللبناني ليلته كَمَن “ينام طَب” على حسب المثل الشعبي. 

عندَ تأزم الأوضاع بحادثِ مواجهة عسكرية في المنطقة أو وقوع كمينٍ مسلَّحٍ لجنود أو غارة ليلية لِتجمّع، يكثر الخبراء الأمنيون والعسكريون والإستراتيجيون على هذه الشاشات.

هذه المرة وبالرغم من حماوةِ المواجهات في إدلِب والمجازر والمآسي التي تحدث، لا أحد يتكلّم عنها في لبنان بسببِ أنَّ الشاشات أصبَحَت حكرا” على موضوعٍ واحد نجحَت السلطة في التصويب عليه هو عدم قدرة اللبناني الحصول من المصارف على ودائعِه أو التصرّف بها أو تحويلها إلا جزئيا”. وهنا يوصف الضيوف بأنهم خبراء ماليون وإقتصاديون يُطلَق على غالبيتهم لَقَب البروفسور بحيث يتبيَّن أن لقب الدكتور لَم يعُد يكفي. 

مفهومٌ أن الشاشات خاوية من البرامج بسبب ضيق ذات اليد فهؤلاء يأتون ربما من دون كلفة يعبئون الفراغ ولكن من غير المفهوم أن تسكت السلطات القضائية عن ملاحقةِ البعض منهم الذين يثيرون نعرات هدمِ الثقة بالدولة والمال العام وهتك المؤسسات بِما يزيد مِن إحتقانِ المواطنين وإنهيار القطاع المصرفي ومصرف لبنان والوضع الإقتصادي بِرِمَّتِه. هذا فضلا” عمّا يتم تداوله تضليلا” على وسائل التواصل 

وكذلكَ مِن غير المفهوم أن ينتفِضَ العهدُ على العهدِ وهو “العهد القوي” الممسك بناصية الأمور 

إذ رأينا مسيرةً إلى المصرفِ المركزي قامَ بِها أفرادٌ منه ضد سياساتِ مصرف لبنان وحاكمه. 

هؤلاء لِمَن فاته هم الكتلة النيابية الأكبر في المجلس النيابي والعدد الأكبر من الوزراء في الحكومات بِما مثَّلَ وفاق الثلث في كل تشكيلة وهو ليس شريكا” في السلطة بل هو السلطة المسؤولة عن الإنهيار. 

دهاء الطبقة الحاكمة انها إختصرت الأزمة في لبنان بِتَحريض الناس على القطاع المصرفي وإشاحة النظر عن الفساد والفشل في الحكم. والقطاع المصرفي قاصر عن أن يكون شفّافا” بِما فيه الكفاية لِمصارحةِ الناس بِحقيقةِ الوضع بِحَيث يكون القول بأن لا خوف على الودائع حقيقيا”. أما فساد القيّمين على الأمور فقد تناساه البعض وحوّلوا المعركة من معركة سياسية لإنقاذِ لبنان من هذه الطبقة المتحكّمة به وبِناسِه إلى صِراعٍ طبقيّ تفوح منه روائح العقائد التي عفا عليها الزمن. كما أنَّ الإمعان في جر لبنان إلى محور يواجه العالم بأسره كان سببا” أساسيا” في شد الخناق على رقابِ اللبنانيين وَعِوَض أن يُترَك لِهذه الحكومة الفرصة لإلتقاطِ الأنفاس عاجَلَهم المسؤول الإيراني بِقطعها في زيارة غير ملائمة كما إقامة التمثال لِمَن لا علاقة للبنان به إذا أراد اللبنانيون أن يتذكروا أفضاله عليهم فلا يجدوها هذا فضلا” عن عدم التوقف عن الخطابات التحريضية ضد الدول العربية وإعتبار لبنان منصةً لتحقيق الغلبة على أميركا والغرب عِوَضَ التمسّك بسياسةِ النأي بالنفس لكي يلتقط البلد أنفاسه.

هنا تكمن المشكلة الأساسية وهي في تضييع الناس بالنتائج بدل التصويب على صلب المعاناة التي أُقحِمَ لبنان فيها نتيجة سياسات لا ترى مصلحة لبنان ولا رخاء شعبه.

حمى الله لبنان وشعبه الطيّب من الكورونا والفساد والفشل.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها