الياس الزغبي

الأربعاء ١٢ تموز ٢٠٢٣ - 11:01

المصدر: صوت لبنان

خطاب الخطوط المرسومة للترسيم

ليس من باب القراءة في الغيب، أو الحكم المسبق على النيات والأقوال، إذا توقّع أي متابع أو مراقب ما سيقوله الأمين العام ل”ح ز ب ا ل لّ ه” السيد حسن نصراللّه في حديثه هذه الليلة لمناسبة الذكرى السنوية ١٧ ل”حرب تموز”.
فالخطاب السياسي الحربي الاستراتيجي الذي يستعيده منذ صيف ال٢٠٠٦، على الأقل، لا يزال هو نفسه، مع فروق تكتيكية تقتضيها الظروف الطارئة، كالتهدئة الأخيرة تجاه السعودية بحكم اتفاق بكين بين الرياض وطهران، أو قبلها الخفض النسبي في لغة إزالة إسرائيل من الوجود بحكم صفقة الترسيم البحري جنوباً.
ولا تمر ذكرى “حرب تموز” بدون العزف على وتر “الانتصار الإلهي” والاستثمار في التوتر البرّي الجديد على خلفية مسألة الغجر و”الخيمتين”، وعودة الوسيط الأميركي هوكستاين مع ملف الترسيم في البر.
ليس في “استراتيجيا” نصراللّه سوى الالتزام المطلق بما تُمليه المصلحة الإيرانية العليا، تصعيداً أو تخفيضاً، فالمقياس ثابت ومكشوف، وتنفيذ أوامر “الفقيه” ليس سوى “تكليف شرعي” غير قابل للرد أو النقاش. ولم يكن ترسيم البحر إلّا عيّنة مباشرة من هذا “التكليف”.
أمّا في الشأن اللبناني الداخلي فيجهد “ح ز ب ا ل لّ ه” للإيهام بأنه مطلق الحرية، و”سيّد قراره”، وأن طهران تلتحق بما يرى ويقرر وليس العكس.
ومع أن هذا الإيهام يناقض الواقع والحقيقة، ولا يخدع الرأي العام الثلاثي اللبناني والعربي والدولي، بفعل كون لبنان حلقة من حلقات الاستراتيجية الإيرانية، فإن نصراللّه سيعيد التأكيد أنه “سيد” في إيران خلافاً لخصومه اللبنانيين “التابعين” كما يصف ويصنّف.
وسيكرر الردح نفسه في مسألة الحوار الداخلي، والحرص النظري على “الطائف” والنظام والتوازنات، مع انتهازية في رفض التعيينات في المصرف المركزي وقيادة الجيش، كمحاولة لاسترضاء شقه التوأم في “التفاهم”، لعلّه ينجح في قطع “تقاطع” هذا الأخير مع غرمائه في الاستحقاق الرئاسي.
فمن البديهي، أن يمد نصراللّه “بساط الرحمة” والكف الناعمة لمن نفروا من استعلائه وتفرده، بدءاً من رئيس “التيار العوني”، مراهناً على تبدّل ما عند هذا الأخير بعد الجلسة الأخيرة للحوار المستعاد بينهما.
ولا تغيب عن باله مؤشرات التحول الفرنسي من أحادية ترشيح سليمان فرنجية إلى الخيار الثالث، تحت التوجه الجديد للجنة الخماسية التي ستنعقد بعد ٤ أيام في الدوحة.
فما خسره من رعاية فرنسية يسعى إلى تعويضه داخلياً عبر ترميم بعض العلاقات المكسورة.
وليست الليونة الداخلية التي سيُبديها في خطابه سوى نتيجة عاملَين:
داخلي بفعل صلابة المعارضة وقدرتها على إفشال سطوته، حتى ولو نجح في استمالة شريكه القديم الدائم.
وخارجي بفعل الواقعية السياسية لدى باريس التي أدركت بالملموس استحالة نجاح الصفقة الرئاسية التي سعت إلى تمريرها خلال الأشهر الستة الأخيرة.
وفي المحصلة، لن يخرج خطاب نصراللّه عن الخطوط المرسومة، من الغجر إلى التجديد لقوات الطوارئ والحفر في البلوك ٩، ومن باريس إلى الدوحة عبر الرياض وطهران وواشنطن.
وكل ما عدا ذلك، مناوشات جيران وأهل
…من فوق السطوح!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها