وليد حسين

الجمعة ١ أيلول ٢٠٢٣ - 18:53

المصدر: المدن

خفض المساعدات للبنان.. واليونيسيف ليست بديل وزارة التربية

لا يمكن للبنان التعويل على المانحين لإطلاق العام الدراسي في القطاع الرسمي، من خلال تأمين تمويل الحوافز بالدولار التي يطالب بها الأساتذة والموظفين. هذا ما بدر حالياً من خلال المفاوضات الدائرة بهذا الشأن مع المانحين. يمكن التعويل على دعم صناديق المدارس من خلال البدلات التي يتلقاها لبنان عن كل طالب مسجّل في التعليم الأساسي، ولا سيما الطلاب السوريين. غير ذلك الحل الوحيد أمام وزارة التربية لإطلاق العام الدراسي هو رصد الاعتمادات المالية بخمسة آلاف مليار وعدت بها الحكومة، لدفع حوافز مالية بالدولار (نحو 200 إلى 250 دولار شهرياً لكل أستاذ)، تكفي لنحو ثلاثة أشهر، تقول مصادر مطلعة في وزارة التربية.

انخفاض التمويل الإنساني
أما الضغوط التي تمارس بملف عدم تسجيل الطلاب السوريين في مدارس بعد الظهر، فمجرد تمرير وقت، وشد عصب الأساتذة لتحويل الأنظار عن المشكلة الأساسية، أي إفلاس الدولة وعدم قدرتها على تسيير قطاع التربية الرسمي. فالضغوط التي تمارس على منظمة اليونيسف بملف تعليم السوريين لن تغير بواقع الحال، طالما أن التمويل الدولي للمساعدات الإنسانية سينخفض بشكل كبير العام المقبل. وتلفت مصادر مطلعة على التمويل الدولي الإنساني لـ”المدن”، إلى وجود تبدل في توجهات المانحين لتمويل الشق الإنساني. فالأميركيون، وسيلحقهم الأوروبيون تباعاً، سيخفضون التمويل الدولي المتعلق بالشق الإنساني بين ثلاثين وأربعين بالمئة لخطة الاستجابة الإنسانية عالمياً.
تقدر دراسة حاجات لبنان لخطة الاستجابة للنزوح السوري بنحو 4.1 مليار دولار للعام المقبل. في العام السابق حددت بنحو 3.5 مليار، وحصل لبنان على نحو 1.3 مليار منها. أما خطة الاستجابة للبنانيين فكانت بنحو نصف مليار.
وفق المصادر، ثمة مداولات عن دمج الخطتين بواحدة تشمل اللبنانيين والسوريين للعام المقبل. وقد ينخفض المبلغ الذي سيحصل عليه لبنان إلى نحو مليار دولار. فالسؤال هو كم سيضع الممولون العالميون أموالاً على الطاولة لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية (يحكى أن دراسة الحاجة تقدر بنحو عشرة مليارات دولار، وقد تنخفض إلى 4.5 مليار)؟ وكم سيخصص للبنان من أموال لتمويل خطة الاستجابة؟ وكم سيخصص لقطاع التربية من الخطة؟ وكيف ستوزع أموال الخطة على القطاعات؟ كلها أسئلة تنتظر إجابات لن تصدر قبل نهاية العام الحالي.

مشكلة لبنان اقتصادية
بعد انفجار المرفأ، أعدت خطة استجابة إنسانية للبنانيين إلى جانب الخطة الخاصة بالنازحين السوريين، من خلال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. أما حالياً، فهناك خطة استجابة إنسانية واحدة للبنان تشمل اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين. فمشكلة لبنان ليست إنسانية، أو بشكل أوضح ليس معترف به أنه يعاني من أزمة إنسانية. بل هو واقع في أزمة اقتصادية، ومساعدته يفترض أن تكون من ضمن التمويل الدولي المتعلق بالتنمية، أو من خلال البنك الدولي، وليس من خلال وكالات الأمم المتحدة المتعلق بالمساعدات الإنسانية.
وتضيف المصادر أن قطاع التربية هو جزء من خطة الاستجابة ككل، والتي باتت خطة واحدة للبنانيين والسوريين والفلسطينيين. صحيح أن كل جهة ستمول الشق الذي تعمل عليه في قطاع التربية (بشكل أساسي اليونيسف)، سواء لناحية الترميم أو الحوافز أو المياه أو للمصاريف التشغيلية وغيرها من المشاريع، لكن يجب أن تكون الأموال المنفقة ضمن خطة الاستجابة الآنفة الذكر.

الحوافز إدمان الدولة
تفاصيل خطة الاستجابة الإنسانية هذه تعني أن الضغوط التي تحصل بموضوع عدم تسجيل الطلاب السوريين لإجبار الدول المناحة لرفع مستوى التمويل لن تجدي نفعاً. فالتمويل الدولي انخفض ولا تستطيع وكالة الأمم المتحدة الإنفاق إلا ضمن الأموال المرصودة.
بما يتعلق بدفع المانحين الحوافز للمعلمين والموظفين، فقد كان هذا الأمر استثناءً ومول عن طريق البنك الدولي. ففي التجارب التي حصلت في بعض الدول، حيث دفعت الدول المانحة حوافز للموظفين، تخلت الدولة عن مسؤوليتها، وأصبح هذا التمويل قاعدة في تسيير المرفق العام، لأنه كرس نظاماً موازياً في دفع الرواتب. وهذا بمعزل عن أن موضوع الحوافز يأتي ضمن خطط التنمية وليس ضمن خطة الاستجابة الإنسانية. فالخوف هو من إدمان الدولة في اعتمادها على التمويل الخارجي لدفع رواتب الموظفين. فيما المطلوب إجراء إصلاحات هيكلية في قطاع التربية، أو أي قطاع آخر، لتقليص حجم القطاع وفق مبدأ الحاجة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها