جورج سولاج

الأربعاء ١٦ تشرين الأول ٢٠١٩ - 07:57

المصدر: صوت لبنان

دروس من فنزويلا

حين حذّر صندوق النقد الدولي من ان معدل التضخم في فنزويلا قد يرتفع إلى أكثر من 13 الف في المئة لم يصدق أحد، لا بل أنكر المسؤولون الفنزويليون فداحة الازمة في دولة يناهز احتياطيها النفطي الـ 300 مليار برميل. 

لكن سرعان ما تدهورت الأزمة الاقتصادية ليسجل معدل التضخم ارقاماً قياسية تاريخية، بتجاوزه المليون في المئة على أساس سنوي، حسب صندوق النقد الدولي.

ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة “جونز هوبكنز” سجلت فنزويلا ثالث أعلى المعدلات تضخماً في أي دولة عبر التاريخ.

أما أسوأ حالة تضخم فقد سجلت في المجر بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تتضاعف أسعار السلع كل 15 ساعة، كذلك حالة زيمبابوي في الماضي القريب.

بالعودة الى فنزويلا، وفيها جاليات لبنانية وعربية كبيرة، انهارت العملة الوطنية انهياراً دراماتيكياً، وطارت أسعار السلع صعوداً خيالياً، وشحت المواد والسلع على انواعها، لا بل أختفى كثير منها، وتهافت المواطنون على تخزين كل ما وصلت إليه أيديهم، وهو ليس بالكثير طبعاً، خوفاً وتحسباً من ايام اكثر سواداً. 

اضافة الى النقص الكبير في الضروريات الأساسية، واجه الفنزويليون أزمة محروقات أيضاً على رغم ان بلادهم تعد من الدول الرئيسية المنتجة للنفط.

وبعدما فقدت العملة النقدية الفنزويلية قيمتها وقدرتها الشرائية، لجأ كثير من الفنزويليون الى مقايضة السلع، حسب توافرها والحاجة اليها. لكن ذلك لم يكن كافياً، فعانى سكانها من الجوع وحرموا من الأدوية، وفتحت ابواب الهجرة على مصراعيها.

اما السبب في الازمة الفنزويلية، اضافة الى المشاكل السياسية الداخلية، فهو أن السلطة السياسية لم تسيطر على إنفاق الدولة وبالتالي استمر العجز العام في الارتفاع، ولم تستطع من الحصول على دولارات كافية من الخارج، ما اضطرها الى طبع أوراق مالية، لتنهار بذلك قيمة البوليفار مقابل العملات الصعبة وفي مقدمها الدولار، الامر الذي دفع المواطنين إلى تحويل مداخيلهم من البوليفار الى الدولار في السوق السوداء.

وكلما انهار البوليفار تضخمت اسعار المواد الاستهلاكية لتصل إلى عشرة ملايين في المئة، حسب صندوق النقد الدولي. وحاولت كراكس التعويض من خلال العملة الرقمية ولم تنجح.

ومن المفارقات، ان صندوق النقد الدولي أوصى السلطة الفنزويلية بوقف التحكم في الأسعار واجراء إصلاحات تعزّز الاستثمار، فضلا عن التخلي عن السياسات الاقتصادية والمالية القائمة. لكن كراكس لم تأخذ بتوصيات صندوق النقد.

 فهل من دروس تتخذ من التجربة الفنزويلية المؤلمة؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها