فرانسوا ضاهر

الخميس ١١ نيسان ٢٠٢٤ - 10:07

المصدر: صوت لبنان

دقّت ساعة الحقيقة:

لأنه لم يعد من الجائز معالجة أوضاعنا بأدوات الماضي.

ولا إستخراج الحقيقة والعدالة من ذات المؤسسات الأمنية والقضائية اللتان ضللتهما بالأمس البعيد والقريب في كل الملفات الكبرى والجرائم المالية والسياسية،

ولا إصلاح أوضاعنا بنفس السياسيين الذين أوصلونا إليها،

ولا الرهان على إعادة تكوين المؤسسات الدستورية المركزية، لأن تركيبتها ستأتي مشابهة للتركيبات التي سبقتها،

ولا على إنتخاب رئيس جديد للبلاد، لأنه لن يكون الاّ على شاكلة أسلافه، لناحية مراعاته لكل القوى التي تتحكّم بمصير ومسار تلك البلاد،

ولا على تجريد ح ز ب ا ل ل ه من سلاحه وحمله على توقيع الإستراتيجية الدفاعية ولبننة خياراته، لان سلاحه أميري تابع للجمهورية الاسلامية الايرانية، وولاؤه لها، وعقيدته من صلب مشروعها السياسي في المنطقة،

ولا على إنقاذ ودائع المودعين من الهلاك، لان كل النظريات المتداولة ومشاريع القوانين المطروحة لا تضمن التزام الدولة ومصرف لبنان بإيفاء مديونيتهما للمصارف حتى تُعيدها الى مودعيها،

ولا على المعارضة السياديّة، لأنها أثبتت، على مدى عقدين من الزمن، فشلها وقصورها وتشرذمها وانعدام رؤياها السياسية وعجزها عن الإبداع،

ولا على السلطة الكنسية، لأن الفكر الذي يغذّي اداءها هو ناقص وغير متكامل فيحدّ من تأثيرها على المستوى الوطني الجامع،

ولا على الانتفاضة الشعبية، لأن الإمعان بتحركاتها وشيطنتها وقمعها قد جعلوها تنكفئ على ذاتها لحماية أناها الذاتية والمعيشية على حساب القيم الأخلاقية والوطنية،

ولا على الاصوات المثقفة الحرّة، لأنها ما زالت تراعي مصالحها ومنافعها أولاً، وتعاني من جبنها ثانياً، وترزح تحت تاثير مشاعرها الأنانية الدنيئة ثالثاً،

ولا على الأجيال الصاعدة، لأنها ما زالت مكبّلة بقانون انتخابي موضوع ليؤبد حكم أركان المنظومة الحاكمة ويحول دون نشأة أي طبقة سياسية جديدة،

ولا على النظام السياسي القائم، لأنه تمّ تعديله وتشويهه بالممارسات والمفاهيم والتفسيرات غير الدستورية، حتى أضحى على قياس أهل الحكم، ولو على حساب لبنان، الكيان والهوية، ومصير ومستقبل شعبه،

ولا على الكلام المنثور في البيانات الصحفية والمقابلات الإعلامية، لان آذان الحكام المعنيين صمّاء وعقولهم خرقاء وأحاسيسهم جوفاء،

بحيث بات يتأتى الخلاص من خارج هذا الصندوق الأسود، بدءاً بالدعوة لعقد مؤتمر وطني يطرح إعادة النظر بالتركيبة اللبنانية برمتها، كذلك بالنظام السياسي المركزي الذي تستند اليه تلك التركيبة، وذلك قبل أي أمر آخر.

لأن ساعة الحقيقة قد دقّت.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها