play icon pause icon
جورج يزبك (رئاسيات)

جورج يزبك

الخميس ٨ كانون الأول ٢٠٢٢ - 10:01

المصدر: صوت لبنان

دمعة عبد الناصر

طلب عبد ناصر من محمد حسنين هيكل أن يعطي نسخة من خطاب الاستقالة إلى سامي شرف سكرتير الرئيس.
قرأ شرف الخطاب حتى وصل الى فقرة التنحي، فانتابته الهيستريا، وراح يصرخ بصوت عال: “هذا مستحيل.. هذا حرام.. هذه مصيبة لا تقل عن المصيبة العسكرية. قرأه الموظف المسؤول عن طباعة الخطاب على الآلة الكاتبة عبد الرحمن سالم، وعندما وصل الى فقرة التنحي انفعل بالبكاء، وراحت دموعه تتساقط على الورق، ثم رفض طباعة الخطاب وغادر الغرفة .
تحدث هيكل لشرف أن عليهم أن يسهلوا الأمر على ناصر، فالرجل في محنة وليس أمامه إلا ما اختاره، إما أن نسهل له قراره، وإما أن ندفع بأعصابه إلى الانهيار.
عندما عاد هيكل بنص الخطاب الى عبد الناصر، طلب منه الأخير أن يقرأه مرة واثنتين حتى يتعود عليه، وقدر وقته بنحو ثلث الساعة، وقال لهيكل إن الناس لا بد أن تعرف الحقيقة بخاصة زكريا محيي الدين الذي اختاره عبد الناصر لتولي الرئاسة موقتاً. قدّر عبد الناصر أن المشير عبد الحكيم عامر سيتفاجأ بقرار اختيار محيي الدين، وتمنى أن يتصرف عامر كرجل مسؤول، وألا يخلق المشاكل لزكريا بأي حماقات من شلته، على حد وصف هيكل في كتابه “الانفجار”.
عرض عبد الناصر على هيكل أن يذهب معه الى قصر القبة وقت إلقاء بيان الاستقالة التاريخي، لكن هيكل اعتذر وطلب من الرئيس أن يعفيه، فذلك أكثر مما يمكنه احتماله.
ففاضت مشاعر الرئيس وقال لهيكل إنه كان معه أكثر من أخ، ولا يعرف ماذا سيحدث في الساعات التالية، وإذا كانا سيلتقيان ثانية أم أنه اللقاء الأخير. ولمح هيكل في عيني ناصر دمعة لأول مرة في حياته.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها