play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ١٤ آب ٢٠٢٣ - 08:18

المصدر: صوت لبنان

دوام الحال من المحال وليس امام اللبناني سوى الصمود والتحلي بالصبر 

لا شك ن الوضع الذي وصلت اليه الأمور في لبنان، من انهيار متمادي في ظل تجاذبات ومراوحة وتجميد كافة الاستحقاقات وعنف وأفق مسدود، يجعل اللبناني في حالة يأس تام من باب فرج قريب.
لكن التاريخ علّمنا ان دوام الحال من المحال.

هل لاحظتم معي مثلاً اننا إذا أوقعنا غرضاً ما على الأرض، من حبة لوز او غطاء انبوب او زر او ما شابه، كيف اننا نبحث عنه في المكان الذي وقع فيه، فنجد انه اختفى وكأن الجان استعاره حقاً كما كانوا يقولون لنا ونحن صغاراً، وبعد عملية بحث طويلة نجده في مكان غير متوقع إطلاقاً؟
ذلك ان ما يتحكم بمكان وقوع هذا الغرض الصغير أمور عدة قبل ان ينتهي به المطاف في موقعه الأخير، كالحجم والشكل والوزن والمادة التي صنع منها. كما تلعب درجة حرارة الغرفة وحجمها وعدد ونوع المفروشات والفتحات والهواء ومقدار الجاذبية والقوة المغناطيسية المتوفرة وغيرها من العوامل الفيزيائية والكيميائية والتي تؤثر جميعها على مستقر الشيء الذي وقع.
واعتقد ان بإمكاننا القياس على الأوضاع في لبنان، التي يعتقد اللاعبون الاساسيون فيها ان لديهم القدرة المطلقة للتحكم بنتائجها وتنفيذ مآربهم بالطريقة التي خططوها ويراهنون على نتائج معينة الى أجل غير مسمى. وهذا أمر غير ممكن لأن خيوط اللعبة ستنفلت من أيديهم في لحظة ما لأن العوامل التي تتدخل لا تعد ولا تحصى وتضافرها سيؤدي الى نتائج جانبية غير متوقعة.
لقد استغل الانسان الأرض ومواردها ظاناً انه يتحكم بها ويسيطر عليها، وكما بتنا نعاين الآن من جنون الطبيعة ومن الكوارث التي لم تكن بحسبان من يتحكمون بالسياسات الدولية وأمعنوا في استغلال الطبيعة ومواردها بسياسة الاستهلاك اللامتناهية دون تقدير للعواقب التي حذرهم منها بعض العلماء.
الكرة الأرضية تعاقبهم الآن بما يفوق توقعاتهم وخيالهم.
وعلى غرار ذلك، أقول للبناني اليائس والبائس، انه سيأتي يوم ستنتهي فيه اللعبة التي نجحت طويلاً لمصلحة من يتسلط على اللبنانيين ويصادر إرادتهم، وسوف يعاقبون على ما قاموا به. فالعوامل التي تتفاعل على هذا المستوى أكثر وأكبر من ان تعد او تحصى، وهم بدأوا يواجهون الصعوبات والعراقيل واحياناً عن طريق الصدفة كما في حادثة الكحالة.
وليس علينا سوى الاستمرار برفض الخضوع لمخططاتهم مهما كلف الأمر.
ان الصمود والتحلي بالصبر هما مفتاح الفرج.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها