play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٣ - 08:18

المصدر: صوت لبنان

دور النظام السياسي وتأثيره على الهوية الثقافية

تتعالى أصوات من هنا وهناك، من وقت لآخر، حول ضرورة تغيير النظام اللبناني، كحل سحري للهاوية التي أوقع السياسيون لبنان بها.
وكأن النظام السياسي هو الذي منع مثلاً أن يتخذ حاكم مصرف لبنان السابق التدابير الضرورية لمنع الانهيار منذ العام 2015، او منع اصدار قانون الكابيتال كونترول عند بدء الأزمة، على ما فعل الحاكم السابق ادمون نعيم في مطلع الثمانينيات، او ان النظام السياسي هو الذي أجبر حزب الله على مساندة حكم آل الأسد وقمع الشعب السوري، او هو الذي طلب منه الآن ما يسميه، “مساندة” حركة حماس في معركتها مع الصهاينة المحتلين، او يمنع انتخاب رئيس… الى ما هنالك من الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى.
تتحصن قيادات الطوائف اللبنانية بأبناء طوائفها لكي تتحاصص مكاسب السلطة ومنافعها. وتقنع كل زعامة طائفية رعاياها انها حاميتهم والمدافعة عن حقوقهم، مع انها سرقت حتى ودائعهم الخاصة.

لا شك ان لكل جماعة الحق في التمايز عن بقية مكونات المجتمع في الدولة، شرط ان تبقى في إطار الانتماء الى الوطن والدولة التي تحمل جنسيتها. يعني عدم التحاقها بدولة اجنبية. وعلى ان لا يلغي الصراع من اجل

التمايز الجماعي على هوية الفرد وحقوقه.

وبما ان للأوطان نظماً سياسية مختلفة تعطيها طابعها، وبما ان النظام السياسي يرسم اتجاهات المجتمع العامة، ويجب ان يقوم بما يلزم لتحقيق رفاهية المواطن وأمنه، كحماية حقوق الملكية، وإتاحة التعليم للجميع، وتقديم الخدمات الصحية، وإنشاء البنية التحتية الضرورية لحصول النشاط الاقتصادي.
يصبح النظام السياسي هو المسؤول عن رفاهية ودمج المواطنين وتوافقهم من اجل المصلحة العامة؛ لأنه يفرض سيطرته على العلاقات التي تربط أفراده من خلال مجموعة من القواعد والقوانين الحاكمة. وعندما يفشل، يعرّض الدولة للانهيار في مراحل معينة. لأن ذلك يعني عدم كفاءة الدولة لتأمين المتطلبات الضرورية، وهذا ما يهدد وجود المجتمع والدولة معاً.

 

لكن ما نغفل عنه، هو ان ممارسات السلطة السياسية هي التي تؤثر بشكل مباشر على حسن تطبيق النظام ودستوره، وعلى حفظ المكونات الاجتماعية وأمنها. وكلما ضعفت السلطة يتفرق المجتمع الى جماعات وهذه الى أفراد. الامر الذي يسهّل إمكانية اعادة تجميعهم وتوزيعهم في احزاب وتيارات سياسية مختلفة؛ بحسب انتماءاتهم الاولية لخوفهم على مصيرهم المهدد.

في هذه الظروف يكمن الخطر في ان يسمح حزب او تيار سياسي لنفسه

ان يقوم مقام الدولة والمجتمع ككل. على ما يفعل حزب الله. لأن من شأن ذلك يؤدي الى اصطفافات وصراعات قد تهدد وحدة المجتمع نفسه. وهذا ما يعاني منه المجتمع اللبناني حاليا.

 

ان أهم مسؤوليات المسؤولين السياسيين في نظام سياسي معيّن، حسن تطبيق الدستور والقوانين، وهذه الممارسات إما ان تُخضع الشعوب وإما أن تحررها؛ ويكون مخطئاًس من يعيد سبب الانهيار الى النظام اللبناني بذاته، لأن رجالاً كباراً – على المستوى الدولي- أسسوا لنظام حكم ودستور جعله ليبهارت صاحب نظرية “التوافقية”، أحد النماذج الناجحة لنظام حكم نتيجة تطبيقه توافقية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها