فرنسوا ضاهر

السبت ١٣ نيسان ٢٠٢٤ - 13:25

المصدر: صوت لبنان

ذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥:

 

مرّ حوالي نصف قرن على ذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ ولبنان يعيش الحروب والأزمات والانهيارات المتلاحقة واللاستقرار المتواصل، تبعاً للصراع على السلطة المتمثّل بالسعي الى تقليص الصلاحيات او الضمانات الدستورية التي أولاها الانتداب الفرنسي بدستور ١٩٢٦ للموارنة خصوصاً وللمسيحيين عموماً، مقابل توسعة الرقعة الجغرافية للبنان المتصرفية الى لبنان الكبير.

لكن ما لبث أن استعان سنّة لبنان بالخط العروبي الوحدوي الذي تزعمه الرئيس جمال عبد الناصر لقلب نظام الحكم في لبنان سنة ١٩٥٨.

كما قاموا بعد ذلك بالاستعانة بالمنظمات الفلسطينية المستضافة على الأراضي اللبنانية بمعاونة الحركة الوطنية لتكرار محاولة قلب نظام الحكم في لبنان ما بين ١٩٧٥ و ١٩٨٢.

كما تمّت بعد تلك الحقبة (الحرب الأهلية) الاستعانة بالوجود السوري، الذي دخل لبنان كقوات ردع عربية، للوصول الى الاتفاق الثلاثي سنة ١٩٨٦، الذي عدّل في دستور ١٩٢٦ وكرّس النفوذ السوري على أرض لبنان كضامن لحسن تنفيذه.

وما لبثت أن تولّت الحكومة الانتقالية برئاسة العماد ميشال عون، سنة ١٩٨٨، مهمة الإطاحة بالمنطقة المسيحية المحرّرة وإسقاطها عسكرياً وسياسياً. حتى استجر هذا الواقع تعديل دستور ١٩٢٦ بدستور الطائف لسنة ١٩٩٠ وفرض الوصاية السورية على لبنان، بتفويض دولي، حتى سنة ٢٠٠٥.

وكان من نتيجة هذا الدستور الجديد مقروناً بتلك الوصاية أن دخل لبنان في حقبة السنيّة السياسية التي قفل عهدها باغتيال الرئيس رفيق الحريرى في ٢٠٠٥/٢/١٤.

وإثر خروج سلطة الوصاية السورية من لبنان في تلك اللحظة التاريخية برز على الساحة الداخلية للتوّ عهد الشيعية السياسية الذي تمثّل بحلف الأقليات ووثِّق بإتفاق ما ميخائيل في ٢٠٠٦/٢/٦.

ذلك الحلف الذي حرف لبنان عن الشيعية السياسية الوطنية ووضعه في خانة المشروع الشيعي الإيراني الإقليمي الممانع مع كل مقتضياته ومستلزماته وامتيازاته وحصاناته وإنفلاش نفوذه السياسي والعسكري على الاراضي اللبنانية، وإمساكه بمفاصل مؤسسات الحكم المركزي في البلد.

وإن توسّع المشروع الإيراني في المنطقة قد استتبع توسّعاً لدور حزب الله الشيعي الايراني في لبنان، ما جعل هذا البلد بأسره رهين إستراتيجية هذا الحزب ورهين قراراته وخياراته. الامر الذي بات يستلزم إعادة تكوين مؤسساته الدستورية المركزية على نحو يأتلف ويتناغم مع هذه الاستراتيجية ومع الخيارات والقرارات الملازمة لها.

الواقع، الذي يُعيد الكيان الى معضلته الأساسية التي لازمته منذ نشأته، الا وهي الصراع على السلطة، لناحية العمل والسعي والمثابرة على تقليص الصلاحيات الدستورية التي ما زالت متبقية للمسيحيين، مع ضرورة الإبقاء على حجرهم ضمن نظام الحكم المركزي، حتى يتحولوا الى وضع ذميّ متكامل يقتصر فيه دورهم على تغطية المشروع الإيراني في لبنان.

من هنا باتت إعادة النظر بالتركيبة اللبنانية أمراً حالاً وملحاً، كما بالنظام السياسي، الذي عُدّل بالممارسات غير الدستورية، والذي ترتكز عليه تلك التركيبة.

بحيث تأتي ذكرى ١٣ نيسان ١٩٧٥ وبعد حوالي نصف قرن على وقوعها لتؤكد أن القضية اللبنانية بعمقها السياسي ما زالت جاثمة على صدر اللبنانيين، وهي بحاجة الى مصارحة وطنية وحل نهائي جذري يوقف هذا الصراع العلني والدفين على السلطة في لبنان، فيأتي مراعياً وضامناً لتعدّدياته حتى يكون منطلقاً لإعادة بنائه.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها