play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٢٨ آب ٢٠٢٣ - 06:59

المصدر: صوت لبنان

سياحة اللبنانيين واحتفالاتهم

يُصنّف لبنان كأفقر وأتعس بلد في العالم، ومع ذلك، وربما بسبب ذلك، هو الأغلى ايضاً.

برزت في الأسبوعين الفائتين مسألتان، احدهما عن سياحة اللبنانيين الى الخارج وكلفتها التي قُدّرت بمليار ونصف المليار دولار وانعكاس ذلك على وضع العملة، والثانية حفلة المطرب عمرو دياب التي أسالت الكثير من الحبر عن كلفتها والتصرف الاستعلائي والقمعي للمطرب الشهير، كما لفت التهييص المبالغ فيه من الجمهور.

فاستعدنا الجدل حول انقسامات ثقافة الحياة وثقافة الموت.

كما ينقسم اللبنانيون بين المتضررين من الانهيار المالي، وهم المودعون الصغار والمتوسطين، من عمال ومعلمين وموظفين ومتقاعدين الخ…. مقابلهم طبقة المستفيدين، من السياسيين والمصرفيين الكبار والتجار وزبائنيي السلطة الحاكمة ومحتكري التجارة.
تملأ فئة المستفيدين، مع السياح وهم لبنانيون في معظمهم، المطاعم والفنادق والملاهي.

ما يجعل البعض يستغرب الحديث عن انهيار في ظل هذا البذخ. يجيب البعض الاخر، بأن هؤلاء ليسوا سوى العشرة بالمئة او أقل من الطبقة المستفيدة من الأزمة، وأن بقية الشعب اللبناني معوز وعلى حافة الفقر.

وهناك الفئة المتوسطة التي استطاعت التأقلم مع التغيرات الحاصلة لأسباب منوعة، وظائف بالفريش دولار او الالتحاق بأكثر من وظيفة او تلقي مساعدات من الأهل في الاغتراب، وهؤلاء يريدون الحصول على قليل من الفرح، فيرتادون المطاعم وقد يحضر بعضهم الحفلات على غرار حفلة عمرو دياب.

 

لكن الملفت في كل ذلك مظاهر الفرح المبالغ فيه من جمهور كأنه يعيش آخر أيام حياته ويريد ان يفرح قليلاً قبل مغادرة الدنيا. وهذا مفهوم في وضع كالذي يسود لبنان من انهيارات غير مسبوقة وأزمات غير قابلة للحل وعنف مخيم وفلتان وجرائم والى ما هنالك من انهيار للقيم.

أما من يسافر للسياحة من الفئات المتوسطة الى تركيا مثلاً فلأن السياحة ارخص كثيراً مما هي عليه في لبنان؛ إذ ينفقون 400 أو 500$ دولارا لرحلة من عدة أيام تتضمن طائرة وفندق معقول.

بينما أي فندق عادي في الجبل يكلف 200$ لليلة الواحدة!!

المعيشة في لبنان المفلس تجعله من أغلى بلدان العالم، فالسرقات المعممة والفلتان التام الذي يعم بلدنا المنكوب مدفوعة الكلفة من جيوب المواطنين.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها