فرح منصور

الثلاثاء ٤ تموز ٢٠٢٣ - 14:58

المصدر: المدن

“صفقة” ماريان الحويك والقضاء الفرنسي: ما مصير منصة “صيرفة”؟

يمكن أن نختصر “أحلام” ماريان الحويك، مساعدة حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة ويده اليمنى، بعبارة واحدة فقط: امرأة طموحة لا تتمنى سوى انتهاء التحقيقات الأوروبية، وتشتهي بأن يعود بها الزمن للوراء، كي تتابع “إنجازاتها” داخل المصرف المركزي، وتتلقى الجوائز العالمية.. وكأن شيئاً لم يكن.

الإجراءات الفرنسية
في الواقع، ما تتمناه الحويك لن يتحقق. فالقضاء الأوروبي توسع بتحقيقاته التي جعلتها عرضةً للمساءلة، والقضاء الفرنسي أدانها بجرائم مالية. باختصار، لن تعود الأمور كما كانت عليه في السابق. فولاية الحاكم ستنتهي، ولن تُشكر الحويك على إنجازاتها داخل المصرف المركزي من خلال عمليات إعادة الهيكلة الشاملة وتوحيد الموارد وغيرها.. بل ستُلاحق على هذه “الإنجازات”، وستُدان من القضاء الأوروبي.

عادت الحويك إلى بيروت، بعد موافقتها على المثول أمام القاضية الفرنسية أود بوروسي، يوم الجمعة 30 حزيران. وقبل مغادرة الأراضي الفرنسية، تعهدت بالمثول كل 3 أشهر أمام القضاء الفرنسي.

في الحقيقة، لم تظهر الحويك تعاونها مع القضاء الفرنسي، ببساطة لأنها لن تنجح في ذلك. وربما، لأنها تدرك جيداً أن الأدلة صارت ثابتة ولا وجود لأي مخرج ولن تجدي محاولات الهروب مع القضاء الأوروبي.

خلال ساعات الاستجواب، حاولت الحويك الدفاع عن نفسها وعن مصدر أموالها، مؤكدةً أنها إبنة رجل ثري، وأنها ورثت هذه المبالغ الطائلة عن والدها، ولم يقدم لها الحاكم الأموال أو العقارات، وأيضاً لجهودها داخل المصرف المركزي أثمان باهظة، لذلك ثروتها الكبيرة ناتجة عن تعبها، وبعيدة كل البعد عن تبييض الأموال والإثراء غير المشروع أو السرقة والاختلاس. هكذا حاولت الحويك أن تثبت براءتها أمام بوروسي.

ولكن، للقضاء الفرنسي معطيات أخرى، ووقائع مختلفة. فالحويك متهمة بتشكيل عصابة أشرار إجرامية، وتبييض الأموال في إطار عصابة منظمة.

أي بمعنى أوضح، مساعدة الحاكم متهمة بتشكيل عصابة أشرار مع الحاكم وعائلته وكل من يثبت تورطه في هذه القضية.

استجواب طويل
من ناحية أخرى، حاولت بوروسي أن تتأكد من مصدر أموال الحويك، أي أن سؤالها الذي طُرح: “من أين لك هذا؟”، كما وأرادت منها توضيح علاقتها بالحاكم، وتقديم المعلومات حول صلاحياتها داخل المصرف المركزي. فهي تملك شقة فخمة في فرنسا، ومبالغ كبيرة من الأموال وزعتها في حساباتها المصرفية في فرنسا. ناهيك عن عقاراتها وحساباتها المصرفية في لبنان. فمن أين لها بكل هذه الأموال؟

وكما جرت العادة، خلال كل استجواب لسلامة وفريقه، فقد نفت الحويك كل هذه التهم، وأصرت على إبراز المستندات الرسمية التي تثبت براءتها. وحسب مصادر متابعة لهذه القضية، فإنها أكدت أن هذه المستندات كفيلة بإثبات كل الحقائق.

وتماماً كما حصل مع المصرفي مروان خيرالدين، فقد تعهدت بالمثول أمام القضاء الفرنسي كل 3 أشهر، وبإبراز المستندات المطلوبة. كما وطُلب منها عدم التواصل نهائياً مع الحاكم وعائلته ورؤساء مجلس إدارة المصارف. ومُنعت من مزاولة عملها داخل مصرف لبنان المركزي، وفُرض عليها كفالة بمبلغ 1.5 مليون يورو، فدفعته. وهو عبارة عن تأمين عودتها لفرنسا مرة أخرى، أي أنها ستخسر هذا المبلغ في حال تمنعت عن المثول أمام بوروسي مرة أخرى. ولكن، كيف تعهدت الحويك بعدم متابعة عملها داخل المصرف المركزي وهي مسؤولة عن منصة صيرفة؟ وهل فعلاً ستتقيد بهذه الإجراءات؟ لا جواب حاسماً.

رجا سلامة لن يمثل
هذا وقد علمت “المدن” بأن رجا سلامة حسم خياره، ومن المتوقع عدم مثوله أمام القضاء الفرنسي في جلسته التي سيعلن عن موعدها قريباً. وبعدما استهلك كل الأعذار الطبية، لا أحد يعلم أي عذر سيستخدم هذه المرة. ولكن، في حال تغيبه عن جلسته، وعدم اقتناع بوروسي بالمعذرة الطبية الجديدة، خصوصاً بعد تعرضه لوعكات صحية “غير منطقية” خلال الفترة الماضية وتزامنها مع جلسات استجوابه، فمن المتوقع أن تصدر بحقه مذكرة توقيف دولية، وبالتالي ستكون حالته مشابهة لحالة الحاكم، حيث سيحدد له القضاء اللبناني جلسة استماع.. وسيتكرر سيناريو الحاكم داخل قصر العدل ببيروت.

واليوم، ستصدر محكمة الاستئناف في فرنسا قرارها بشأن قانونية عملية الحجز على عقارات وأموال سلامة في أوروبا. ففي الرابع من تموز، من المفترض أن تبدأ الخطوة الأولى من مرحلة استرداد الدولة اللبنانية حقها من أموال الحاكم، بعد أن تثبتت التهم عليه، ويعلن رسمياً بأن حاكم مصرف لبنان، الذي حاز على جوائز عالمية بسبب سياسته النقدية، خان الأمانة، واختلس من مال دولته وتلاعب بأرقام المصرف المركزي، وهو المسؤول الأساسي عن هذه الأزمة الاقتصادية التي ابتلعت ودائع المواطنين.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها