الياس الزغبي

الأحد ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 11:13

المصدر: صوت لبنان

صمت نصراللّه بين الانكفاء والتورّط

تعددت التأويلات والتفسيرات لصمت الأمين العام ل”حزب اللّه” حسن نصراللّه، بعد انقضاء أسبوعين على حرب غزة بما فيها من مآسٍ،
وبما أتاحت من فرص ثمينة لانخراط كل “محور الممانعة”، ولم يفعل.
ومعظم هذه التأويلات هو من النوع الإفتراضي وغير الجدّي، بل الهازل أحياناً، كقولهم مثلاً:
إن صمته تكتيك لإخافة إسرائيل وإرباكها.
أو لأنه يخطط بهدوء للحرب.
أو لدراسة الارتدادات والنتائج.
أو لاستكمال كل العدة والعديد والجهوزية التامة… إلخ.
لكن في الواقع، يجب تقدير ظرف نصراللّه واعتباراته وأسباب حرجه وصمته.
فماذا يقول إذا خرج بخطاب “مزلزل” غير معزَّز بوقائع الميدان أو ب”إنجازات” ما؟ طالما أنه ليس مرجع القرار في الحرب، بل طهران. وقد سبق لوزير خارجيتها عبد اللهيان أن صادر منه حق النطق والإعلان، في بيروت والدوحة وما بعدهما.
وليس لديه تبرير شخصي لغياب شعار “إزالة إسرائيل” (حتى الآن)، وتباطوء نظرية “توحيد الساحات”، ونسيان وعد “ما بعد بعد حيفا” وعشرات آلاف الصواريخ الدقيقة، ومعها مصير “الوعد الصادق” و”النصر الإلهي”.
وفي الحقيقة، لا جواب أبلغ على هذا الصمت “الاستراتيجي” الذي يلتزمه نصراللّه، من الصدمة المكتومة، بل المعلومة، لدى “حركة حماس” وسائر قوى غزة، و”عتبها” المرير على إيران و”حزب اللّه”.
وبعض هذا “العتب” خرج إلى العلن على ألسنة بعض قادتها والناطقين باسمها، الذين لم يقتنعوا بالمناوشات التي يقوم بها “الحزب” تجاه شمال إسرائيل، والتي يعتبرون أنها لم تتخطَّ إطار رفع العتب، ولو سقط له فيها أكثر من ١٠ قتلى إلى اليوم.
كما لم يُقنعهم قول نائب نصراللّه الشيخ نعيم قاسم عن إشغال ثلاث فرق من الجيش الإسرائيلي في مواجهة “الحزب” بدلاً من أن تكون ثمانية ضد غزة!
وكأنّ المسألة تقتصر على عملية إلهاء ظرفي، وليست قضية حرب وجود.
في المحصلة، لا يكون السكوت دائماً دليل ثقة وقوة وقدرة، بل هو في الغالب نتيجة فقدان التعبير واللغة والقرار.
ولعلّ اللبنانيين يأملون أن يكون الصمت دليل انكفاء عن الحرب، وليس كما يشتهي دعاة الموت والدمار.

الياس الزغبي

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها