وليد حسين

السبت ٨ تموز ٢٠٢٣ - 17:10

المصدر: المدن

طلاب جبل لبنان الأوفر حظاً.. الامتحانات بلا مراقبين

بعد تبلغ الأساتذة بأماكن توزعهم على مراكز الامتحانات يوم أمس الجمعة تجددت إشكالية مراقبة الامتحانات الرسمية في جبل لبنان، حيث يرفض القسم الأكبر من أساتذة التعليم الرسمي المشاركة بأعمال الامتحانات، التي ستنطلق يوم الإثنين المقبل. وكذلك تصاعدت صرخة العديد من الأساتذة في مختلف المناطق بعدما اكتشفوا أنه تم تعيينهم في مراكز بعيدة عن أماكن سكنهم، فيما كانوا يأملون أن يكونوا حيث يسكنون. فبدلات المراقبة بين التعويضات بالليرة اللبنانية من الدولة والتعويضات بالدولار من الدول المانحة لا تصل إلى عشرين دولاراً باليوم. وتزامن تبلّغ الأساتذة بمراكز المراقبة مع عدم تلقي الأساتذة وموظفي القطاع العام رواتبهم عن شهر حزيران، ما أثر على حماسة العديد منهم ولوّحوا بعدم الذهاب إلى المراقبة.

احتجاجات على المراقبة
تشير مصادر متابعة للنقاشات الدائرة على مجموعات المحادثة الخاصة برابطة التعليم الأساسي (غالبية المراقبين في الامتحانات من أساتذة التعليم الأساسي) أن الاعتراضات لم تقتصر على منطقة جبل لبنان، بل حتى في محافظة البقاع.

في التفاصيل، تسلم مديرو المدارس بطاقات المراقبة الخاصة بأساتذتهم مساء الخميس. وأبلغوا أساتذتهم بتوزيعهم الجغرافي على مراكز الامتحانات طالبين منهم التوجه إلى المدرسة لاستلام البطاقات. فتصاعدت الاحتجاجات. ففي جبل لبنان أصدرت المنطقة التربوية بطاقات لجميع الأساتذة في القطاع الرسمي من ملاك ومتعاقدين ومستعان بهم، وحتى لمن هم في طور التقاعد. هذا رغم أن غالبية الأساتذة لم يسجلوا أسماءهم للمراقبة، ورفضوا المشاركة بأعمال الامتحانات. فانهالت اتصالات الأساتذة على مديري المدارس وأبلغوهم بأنهم سيمتنعون عن المشاركة مهما كانت التبعات القانونية. خصوصاً أنهم لم يسجلوا أسماءهم أصلاً.

استدعاء المتقاعدين
وتضيف المصادر، أما من سجل أسمه فشكا من بعد المسافة التي سيقطعها (أساتذة من مناطق مثل الضاحية أو بعبدا أو المتن أتى تعيينهم في ساحل المتن أو كسروان). والنتيجة أن اساتذة التعليم الرسمي رفضوا الذهاب إلى مدارسهم للحصول على بطاقة المراقبة التي عليهم إبرازها في مراكز الامتحانات. وأبلغوا المدراء أنهم يفضلون التعرض للمساءلة من وزارة التربية على الذهاب إلى الامتحانات عنوة. إلى ذلك، أبلغ أساتذة آخرون المديرين أنه في حال عدم تلقي رواتبهم عن شهر حزيران، فلن يذهبوا إلى الامتحانات لأنه يتعذر عليهم تأمين بدلات الانتقال. فقد تبين أن وزارة المالية حولت جداول الموظفين إلى مصرف لبنان أمس الجمعة، ما يعني أنها ستتأخر لتنزل في حساباتهم إلى مطلع الأسبوع المقبل.

ووفق المصادر، تبين أن هناك نقص شديد بالمراقبين في جبل لبنان ولا سيما في كسروان. ما دفع المنطقة التربوية في جبل لبنان إلى توزيع أساتذة في كسروان من قضاء المتن. ونظراً للنقص الحاد بالمراقبين تم تسجيل أسماء أساتذة يخرجون إلى التقاعد هذا الشهر، أي من مواليد العام 1959.

التهديد بالمساءلة
وصلت أصداء هذه الأجواء المشحونة بين صفوف الأساتذة إلى رؤساء المنطقة التربوية، الذين أرسلوا رسالة إلى مديري المدارس طلبوا فيها “استجواب كل استاذ يرفض استلام تكليف المراقبة وإرسال الاستجوابات مع المندوب المختص إلى المنطقة التربوية”.

هذه الرسالة التي نقلها المديرون للأساتذة (امتنع مديرون عن نقلها أساساً) لم تؤد مبتغاها في الضغط على الأساتذة، أقله في جبل لبنان. ووفق المصادر، أقفل الأساتذة المعنيين هواتفهم وابلغوا المديرين أنهم سيحضرون لاستجوابهم الأسبوع المقبل. أي أنهم يرفضون إرغامهم على مراقبة الامتحانات. وعليه سيكون يوم الإثنين المقبل أول اختبار لمدى جهوزية وزارة التربية في مراقبة الامتحانات أقله في جبل لبنان والبقاع. فمراقبة الامتحانات تقوم على أساتذة التعليم الأساسي، بعد رفض غالبية أساتذة التعليم الثانوي المشاركة. وغالبية أساتذة التعليم الأساسي من المتعاقدين الذين لم يتلقوا بدلات أتعابهم بعد. هذا فضلاً عن عدم تلقي الأساتذة بدلات النقل الموعودة عن شهر حزيران (450 ألف ليرة عن كل يوم حضور).

مصادر “المدن” في محافظات بعلبك-الهرمل والجنوب والشمال أكدت أن لا إشكاليات تذكر بالمراقبين. ففي بعلبك الهرمل لم تستدعِ المنطقة التربوية الأساتذة المستعان بهم للمراقبة نظراً لقلة عدد مراكز المراقبة. وفي الجنوب، المتخم بعدد الأساتذة الذين سجلوا اسماءهم للمراقبة، استدعى عدم تكليف عدد من المسجلين. أما في الشمال، حيث اعترض أساتذة على تكليفهم رغماً عنهم، فقد تم استبدالهم بآخرين، نظراً للفائض بالمراقبين.

التربية مستعدة للامتحان
وإلى الأجواء المشحونة بين الأساتذة والتي ستلقي بثقلها على الامتحانات، شكا المديرون من أن الموظفين في وزارة التربية يحملوهم المسؤولية بعدم تلقي الأساتذة بدلات النقل، لأنهم لم يرسلوا جداول الحضور بموعدها (تدفع بدلات النقل على أساس جدول الحضور). وأكد المديرون أن كامل المسؤولية تقع على عاتق الموظفين في وزارة التربية المولجين تسلم وتسجيل الجداول، لأنهم لا يحضرون إلى عملهم إلا يوم واحد في الأسبوع. حتى أن أحد المسؤولين في قسم المحاسبة سافر بإجازة صيفية ولم يعين أي بديل عنه. ما أدى إلى تكدس الجداول على مكتبه وفقدان العديد منها. وبات على المديرين إرسال الجداول من جديد.

في الأثناء تواصل وزارة التربية وضع اللمسات الأخيرة للامتحانات، التي ستكون شبيهة بالامتحانات الرسمية للعامين الدراسيين المنصرمين، سواء على مستوى المراقبة أو التصحيح أو “النتائج الباهرة”. وبدأت مساء أمس بإجراء محاكاة لمراكز المراقبة من غرفة العمليات المركزية في الوزارة، وذلك للتأكد من كاميرات المراقبة الموضوعة في مراكز الامتحانات والموصولة على شاشة كبيرة في غرفة العمليات. استعدادات لوجستية لا تعفي الوزارة والحكومة من عدم تعلم طلاب القطاع الرسمي، تماشياً مع انهيار البلد والتربية في مقدمته. ما يجعل من الأمتحانات التي ستنطلق يوم الإثنين المقبل أشبه بامتحان لمدى استعداد وزارة التربية اللوجستي، أكثر منه امتحاناً للطلاب وللكفايات العلمية التي حصّلوها طوال العام الفائت.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها