play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٩ تشرين الأول ٢٠٢٣ - 10:26

المصدر: صوت لبنان

عن الحريات والحدود السائبة والشذوذ

بادرني الطبيب: ما رأيك بالأوضاع؟
كان هذا المدخل كي يخبرني بما قالته له شخصية سورية من الصف الأول “بأن لبنان انتهى”. ويبدو ان كثر يتشاركون هذا الرأي، بحسب ما نسمع ونقرأ.
وما يسوّغ هذا الاعتقاد الهجمة الأخيرة المنظمة لآلاف اللاجئين فيما الوضع الأمني في سوريا مستتب.
بحيث يبدو ان هناك خطة مبيتة من النظام السوري وحلفائه اللبنانيين لاجتياح لبنان واحتلاله سلمياً من الداخل، في الوقت الذي تغض فيه السلطات السياسية اللبنانية الطرف وتكتفي بالخطابات الرنانة الشبيهة بالجرس الذي يوضع للهر لتنبيه الفئران كي تختبئ.
اما حزب الله، الذي كان أول من تسبب بتهجير سكان البلدات التي اجتاحها، والمسيطر على الحدود والقادر على إيقاف الاجتياح، يكتفي بخطة تكفل تعويم بشار الأسد لأن الحق على الاميركان على غرار الحق عالطليان، ويهدد باعتماد خطة اردوغان في اغراق أوروبا بالمهاجرين، مقترحا عليهم ركوب البحر، الذي لا ينجو من مخاطره سوى 30% في المئة. يعني على غرار ضربني وبكى سبقني واشتكى.
إن إثارة هذه القضية الوجودية، بهذا الشكل الإعلامي بدل اتخاذ التدابير المطلوبة لإيقافها، يشكل تغطية على مشاكل أخرى نعاني منها ولا تقل عنها أهمية، من الترسيم البري مع إسرائيل وما يعنيه ذلك من معاهدات سلام واعتراف، رغما انكارهم ذلك، لوضع يدهم على ثروات لبنان للإمعان في استغلال الشعب الذي حرموه من كل حق لدرجة امتصاص دمه.
يمعنون اذن بإلهاء الشعب وتقسيمه باختراع قضايا هامشية، وآخرها كان فكرة وزير الحزب العبقرية بمنع فيلم باربي الشهير، بحيث فُرضت معركة الحريات وحرية الرأي والتعبير، التي تنتهك بشكل ممنهج. لكن كل ذلك تسبب بانقسامات جديدة افقياً وعامودياً، بحيث اختلط الحابل بالنابل، وانقسمت جبهة المعارضة والتقى بعضاً منها مع جبهة الممانعة وبدأت الحملات التي حرّفت النضال وتلهت بموضوع حساس في مجتمع محافظ.
وتغلغل التطرف تحت شماعة الشذوذ، فنزلت الشارع جنود الفيحاء وجنود الرب والقمصان السود والأهالي غب الطلب للتهجم على المواطنين وافتعال المعارك.
فهل حقاً هذا هو الوقت المناسب لمثل هذه المعارك في وقت يعيش اللبناني على اعصابه تحت وابل الشائعات التي تتقاذفه يمينا وشمالا لإلهائه عن الاحتلال الإيراني وعن السلوك الشاذ الوحيد والمنحرف للحكام الذين يمعنون في افقار الشعب للسيطرة عليه؟
اليس على المعارضة السيادية العمل على إطفاء هذا الموضوع وتحييده لمعالجة القضايا المصيرية؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها