play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٥ شباط ٢٠٢٤ - 12:42

المصدر: صوت لبنان

عن قرار محكمة العدل وغزة والقضية الفلسطينية

لولا ثورة المعلومات والثورة الرقمية وانتشار وسائط الاعلام المختلفة، لما عرف العالم حقيقة ما يجري في غزة منذ ما يقرب ال 4 أشهر، من جرائم وحشية موصوفة. ولما تحرك الرأي العام العالمي ضد حكوماته والإعلام المنحازين، ولما شاهدنا حركة الاعتراض الأميركية الواسعة، ضد إدارة بايدن.
من هنا كانت أهمية قرار محكمة لاهاي، وهي جزء من الأمم المتحدة، إنه على إسرائيل اتخاذ إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية التي تقوم بها قواتها في غزة، فضلاً عن السماح بدخول مزيد من المساعدات إليها.
وبالرغم من الشعور بالإحباط لأول وهلة، وأن المطلوب أكثر؛ لأن هذا القرار لم يطالب إسرائيل بوقف حملتها العسكرية فوراً.
ولكنها خطوة أولية، في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا، تساهم في الضغط على إسرائيل، فهو لم يرفض “نية الإبادة الجماعية”، الذي قد يجعل منها دولة منبوذة.
وأمر إسرائيل: باتخاذ جميع التدابير التي في حدود سلطتها، لمنع ارتكاب الأعمال التي تشملها المادة الثانية من الاتفاقية، بما في ذلك القتل والتسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير، وتعمد فرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الجماعة، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات؛ وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.

هذا القرار يُظهر، من الناحية الأخلاقية، حقيقة إسرائيل، التي حاولت ترويج نفسها للعالم، بأنها ديمقراطية، والوحيدة في العالم العربي، وانها تحترم القانون الدولي، في حين ادانتها أعلى سلطة قضائية دولية، واتهمتها بأسوأ جريمة في القانون الدولي وهي جريمة الإبادة الجماعية.
ما سيضطرها، ولسنوات قادمة، أن تقف في قفص الاتهام لتبرير ما تقوم به قانونيًا، إذا استطاعت، امام الأدلّة الدامغة على ارتكاباتها وانتهاكها القانون الدولي.
لذا لا شك في أن القرار يحقق ولو قدراً من العدالة، التي كانت مفقودة تماماً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وهو قرار تاريخي، لأن المحكمة أقرت بصلاحيتها النظر في القضية المرفوعة، ما يعني أن المحكمة “ستصدر حكما” فيما بعد.
هذا بالرغم من جميع الضغوط السياسية التي تعرضت لها المحكمة. فلقد تتبعنا اخبار الاجتماع المفاجئ لوزير خارجية اميركا مع وزيرة خارجية جنوب افريقيا عشية صدور القرار. فجاء تأكيد المحكمة على أن “جميع أطراف النزاع في قطاع غزة ملزمة بالقانون الإنساني الدولي، وأن المحكمة تدعو إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن الذين اختطفوا خلال الهجوم على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023، ولا يزالون محتجزين منذ ذلك الحين لدى حماس وجماعات مسلحة أخرى”. ولكنه لم يتهم حماس بالإرهاب.

المهم ايضاً في أن قرارات هذه المحكمة، صدرت بأغلبية كبيرة جدًّا، بما في ذلك من رئيسة المحكمة (الأميركية)، وأعضائها من دول غربية عدة كفرنسا وأستراليا وألمانيا. ما يضعف ادعاءات هذه الدول بأن ما تقوم به إسرائيل هو دفاع عن النفس وأن تهمة الإبادة الجماعية لا أساس لها. ما يعني أن القضاة المستقلون الذين ينتمون إلى هذه الدول لا يؤيدون هذه الحجج.
نقل الكاتب الجنوب افريقي، شون جاكوبس، الجو في بلاده عشية صدور القرار: «يبدو الأمر أشبه بليلة عيد الميلاد أو شيء من هذا القبيل هنا…”، وكان سعيداً ان مواطني جنوب أفريقيا الموجودين بالمحكمة في ذلك اليوم “يمثلون البلد الذي تخيله كثيرون منا عندما حاولنا التفكير في حقبة ما بعد الفصل العنصري.”
المنتظر الآن، الضغط النشط من قبل الدول العربية لتحقيق مطلب الدولتين، كي لا يذهب الدم المراق عبثاً أو لمصلحة من يستغلون الدم العربي.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها