جورج يزبك

الثلاثاء ١١ شباط ٢٠٢٠ - 08:56

المصدر: صوت لبنان

غريب في جونيه

سأترك خبز الحكومة لخباز الثقة لأن الثورة نظيفة وآدمية ولن تأكل نصفه.

سأذهب اليوم الى مكان آخر استنفرني لكن لم يستفزني.

من حق زياد أسود أن يروّق أعصابه ويتروق ويتغدى ويتعشى ويتمشى، فتعبه كنائب، وأتعابه كمحام يسمحان له بامتياز العشاء الليلي في المطاعم الممنوع على كثيرين.

من حق زياد أسود أن ينتفض لأنه غير فاسد بعد. ما لحّق. هو نائب لبناني منذ أقل من عشر سنوات.

من حق زياد أسود أن يخرج ليلاً خاصة وأنه يقصد المطاعم الشعبية لا الفخمة وغالباً ما أصادفه في جوز.

لكن ليس من حقه ان يُضرب ابن طرابلس بسببه.

من حق زياد أسود أن يدخل من باب المطعم العريض، لكن ليس من حقه أن يهرّب من الشباك الضيّق، لأن الضرر وقع وإبن طرابلس أهين في جونيه وأسمع كلماتٍ من ماضي الحرب لا من حاضر الثورة، من قلة أدب الأزلام لا من أدبيات أهل كسروان. والفيحاء استفزت واستنفرت، وكسروان صودرت بلحظة غضب، ولو خرج سعادته من المطعم كما دخل اليه لكان استدرك المشكلة وأوقف المشهد الطائفي، العنصري، الغرائزي، المناطقي، الحيواني، الا اذا كان راغباً فعلاً بمواجهة بالواسطة وبالوقود البشري الحي.

من حق زياد أسود أن يكون معه دولارات، وأن يعيش حياته، ولكن ليس من حقه أن يرسل الصوت ويجمع أهل الحي من المحازبين وثكنة من الجيش والقوى الأمنية فقط لزوم أرغيلة برأس عجمي.

من حق زياد أسود أن ينتصر لتياره ومؤسسه ورئيسه، لكن ليس من حقه أن تستردّ مفردات الطائفية، وترفع الخنادق، وتقام الحواجز بين كسروان والفيحاء. كنّا بحاجز بربارة واحد فاصل بين مسيحيي جبل لبنان ومسيحيي الشمال، وبين جونيه وزغرتا، صرنا بحاجزين، حاجز انطلياس (فرع مطعم ديوان السلطان)، وحاجز المعاملتين ( فرع مطعم الجزيرة)، الفاصلين بين مسيحيي جبل لبنان وسنّة أحدى الأقضية الأربعة.

من حق زياد أسود أن يتقدّم، لكن ليس من حقه أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء.

من حق زياد أسود أن يلسع بلسانه لكن ليس من حقه أن يستعين بالعقارب للسع الأقارب، بعدما صار لبنان الثورة صفاً واحداً، مسيحيين ومسلمين. فالمسلم في جونيه لم يعد غريباً، وزياد أسود الغريب الساكن بمحيط جونيه يعرف أنه “مش غريب”.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها