play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٤ أيلول ٢٠٢٣ - 08:14

المصدر: صوت لبنان

فرنسا والنيجر رفض الوصاية والاستعمار 

عندما سمعت أول الأمر عن انقلاب عسكري في النيجر راودني شعور بالرفض، وكنت متساهلة حتى مع تدخل عسكري. ذلك اننا اعتدنا في الأوطان العربية على الانقلابات العسكرية التي تطيح بنخبة حاكمة كي تستبدلها بغيرها. وينتهي الأمر بالمزيد من الاستبداد مع الحكام الجدد على غرار انقلابات البعث، أو بصراع مخابراتي وحرب أهلية واستشراء العنف المتعدد الأوجه، على غرار ما يحدث في السودان.
والأمر كذلك مع الانقلابات الأفريقية المعتادة. لكن ما يحدث الآن يبدو مختلفاً. إفريقيا تنتفض دولة تلو الأخرى كقطع الدومينو. فالنيجر كانت الدولة الرابعة في غرب إفريقيا، بعد غينيا ومالي وبوركينا فاسو، قبل الغابون، في الانقلابات العسكرية المدعومة من الشعوب. افريقيا ترفض الوصاية الاستعمارية. انه حقا عالم يعاد تشكيله.

ان الاطلاع على الواقع الافريقي عن كثب، ومتابعة التحقيقات المستقلة على مختلف قنوات الإعلام، تبين ان الصراع يدور حتى الآن في الدول الفرنكوفونية، هو صراع تحرر ضد الاستعمار. لأن فرنسا تحتفظ بوجودها كامتداد استعماري لا يزال يستغل الدول ويقيم فيها قواعده العسكرية للحفاظ على مكاسبه، بدعم ومشاركة الغرب عموماً.
البلدان المنتفضة تحررت منذ العام 1960 في معظمها، ومعروف انها تتمتع بثروات هائلة، لكن معظم سكانها يعيشون في فقر مدقع. الغابون تتمتع بالمستوى الأفضل بينها، لعدد سكانها القليل وثرواتها الكبيرة، ومع ذلك يعاني الكثير من سكانها من الفقر.
في تحقيق اجري مع قادة نيجريين مدنيين ومثقفين وسكان عاديين، سردوا سياسة فرنسا تجاههم منذ العثور على اليورانيوم في مطلع الستينات وكيف وضعت يدها عليه واستغلته وأصبح أحد أهم مصادرها لتوليد الطاقة ولقوتها.
يعيش 41.4% من سكان النيجر، ذو الغالبية المسلمة، في فقر مدقع، وفق البنك الدولي. شهدت مجاعتين في سبعينات القرن الماضي وثمانياته وتمر بأزمات غذائية متكررة.
تعد النيجر سابع او خامس أكبر مصدر لليورانيوم عالمياً. هو ثاني أكبر صادراتها بعد الذهب، وعلى الرغم من ذلك، لم تتجاوز مساهمة اليورانيوم في العام 2020، سوى ب 1.2% من الموازنة الوطنية، ووفقًا لبيانات البنك الدولي.
تحتلّ النيجر المرتبة 174 في قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، والتي تضم 177 دولة، فالبلاد غير قادرة على تجاوز معضلة الفقر التي يعاني منها الشعب.
فرنسا لا تحسن التصرف مع مستعمراتها القديمة ولا تعيد حساباتها كما يجب وترغب بالاحتفاظ بقواعدها العسكرية، وتحمي مع حلفائها، حكاماً ديكتاتوريين تحت قشرة من الديموقراطية الخادعة. نأمل ان ينجح هذا الحراك في تأسيس ديموقراطيات حقيقية في افريقيا.
على فرنسا، والغرب عموماً، التعاطي مع الشعوب بحسب شعارات الثورة الفرنسية العظيمة التي غيرت العالم، حرية ومساواة وأخوة، وأن تأخذ تطلعات الشعوب على محمل الجد، من افريقيا الى لبنان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها