ويفترض أنها تحتوي على معلومات تفضح كل من تورط معه وورطه وشاركه في نهب المال العام وصولا إلى إفلاس بلد برمته وسرقة أموال مواطنيه في المصارف.. فالحكمة تفرض على الرجل حفظ رأسه.. وإن وقع المحظور ولم يتمكن من ذلك، يكون قد انتهج طريق “علي وعلى أعدائي” أو “من بعدي الطوفان”.

ذلك أن تصفية سلامة وأمثاله هي السبيل المعهود في مثل هذه الجرائم وغيرها، ليس فقط في لبنان، ولكن أينما تحط هذه الجرائم أوزارها، لا سيما عندما تتعلق بقضايا عامة كبيرة مرتبطة بالشأن العام، كما هي حال جريمة سلامة بحق لبنان واللبنانيين، وفق ما تجود به معلومات التحقيقات وعمليات البحث والتقصي والشهود، وذلك لقطع دابر الحقيقة وإفشال العمل القضائي ودفن كل ما يدين من يدور في دائرة المتهم الرئيسي.

وبالطبع لن يشذ المجرمون الموصوفون في لبنان عن هذه القاعدة، التي، وللتذكير فقط، نجحت في السابق، سواء لجهة اغتيال غالبية المتورطين في جريمة اغتيال الرئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، او في جريمة تفجير المرفأ لجهة عرقلة التحقيق بالقوة والفجور..

وسلامة يعرف ما فعل وفعلوا، ويعرف أن المطلوب ليستمر المجرمون من دون مساءلة أو حساب أو عقاب، هو التخلص منه وتنظيف آثاره ودفن الملف برمته.

والأهم أنه يعرف ماهية دخول المحاكم الأميركية بعد الأوروبية على الخط، بما سوف يوسع الدائرة لتشمل أداء الحماة المحليين للمشتبه به وشركائه. فصلاحيّة القضاء الأميركي في هذا الملف، ترتبط بطبيعة العمليّات التي جرت ومرّت بالمصارف الأميركيّة المراسلة، حيث توجد حسابات المصارف ومصرف لبنان.

ولكن خوف سلامة من التصفية لا لا يقتصر على ما يمكن أن يلجأ إليه المتورطون شبه المعروفين من غيلان الفساد في المواقع السلطوية اللبنانية، وبما سوف ينكشف من حساباتهم المصرفية وإثرائهم غير المشروع وصرف النفوذ والصفقات المشبوهة، وتهريب الأموالٍ بالمليارات عشية الأزمة وبعد اندلاعها، وبمستفيدين من قروض مدعومة وهندسات بالمليارات على حساب المال العام والمودعين.. “كارتيلات” تصهر رجال الأعمال بالسياسيين في تجارة للسلع الأساسية، التي استفادت من مليارات الدعم.. الخ الخ مما بات متداولا..

ذلك أن غالبية هؤلاء لا يستطيعون ارتكاب جريمة الاغتيال.. وتنحصر قدراتهم في البحث عن وسائل الهرب إلى حيث لا يطالهم القانون الدولي، ولكن الخطر على حياة سلامة إذا ما تهاوت أحجار الدومينو تباعا وكشفت طيات الملفات، هو في توصل التحقيق إلى الذين لا يزالون في الظل، ويرتبطون بمنظمات خارج لبنان لها باعها في تهريب الأموال الوسخة وتبييضها.. فهؤلاء فقط لديهم القدرة على تنظيف ساحتهم ممن يشكل تهديدا لهم.

وهؤلاء كانوا، ولفترة طويلة موضع ملاحقة وتحريات قامت بها وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية، التي تملك رسما بيانيا وفق عملية “كاساندرا”، لشبكة مافيا عالمية كاملة وروابطها وصولا إلى لبنان، حيث كان يتم تبييض أموال المخدرات، ما أدى إلى إقفال مصرفين لبنانيين متورطين في حينه، والتي تم التخلي عنها لأسباب سياسية وهي تكاد تصل إلى خواتيمها.

ولأن سلامة يعرف، لذا يخاف، ولذا يسعى إلى حماية نفسه استباقيا وتحسبا من خلال تسريب خبر تهريبه “فلاش ميموري” إلى الخارج، عله بذلك يتجنب تجرع سم تورطه بما يتجاوز تهيئة سبل ارتكابه جرائم بحق لبنان إلى جرائم دولية قد يصعب التغاضي عنها، وتحديدا إذا قضت الظروف والمعطيات السياسية ومصالح الكبار بفضحها.. وفق متطلبات المرحلة.