الأديب جورج مغامس

الخميس ١٠ شباط ٢٠٢٢ - 17:38

المصدر: صوت لبنان

.. فهاجَني ما بِلُبناني

في سوقِ الثّمارِ البحريّةِ
رُﺗﱢﺐ سَقيفةً مدرَّجةً
ورصيفًا عريضا
تختارُ
وتجلسُ إلى كأسِكَ
تنتظرُ الإعدادَ
وتجيلُ النّظرَ
بين بحرٍ وهَب
وجُلّاسٍ يَنهبونَ أطباقَهم نهبا!


هنا
وبَعد مَشيٍ
في أزقّةِ الفنونِ اليدويّةِ
يَبهَرُكَ الإبتكارُ والإتقانُ
في مأكلٍ ومشربٍ وملبسٍ وزِيَن
تغتبطُ
تتمنّى لو تُهدي وتَستهلكُ..،
تَتنبّهُ
أَنْ مضى من نهارِكَ الكثيرُ
ولم يبقَ إلّا القليلُ
تَنقبضُ
كيف أَنَّ الوقتَ لا يتّسعُ
لتبلغَ من عَبﱢ الجمالِ مَبلغَ الثَّمالة،..
لكنّ المَحارَ والكَركَندَ
الرّوبيانَ والسَّلمونَ
والكواعبَ النّواهدَ عَداها
أَولى بالمعروفِ
حينَ تثيرُ منكَ اللُعابَ
تُمسكُكَ من أحشائكَ وتُقعِدُكَ
تَنهرُكَ:
شَمّرْ وابتدرْ
خذْني لحسًا مَصًّا قَضمًا قَرضًا هَرسا
خذْني جُملةً وتفصيلا
واشربْ
يحلو النّبيذُ على مِزَقي
وتطيّبُ أشلائيَ البيرة!


في سوقِ الثّمارِ البحريّةِ
على شَفا الخليجِ الصّغيرِ
وحَوله عِقدُ الحوانيتِ
من كرْمٍ وسهلٍ ومرعى
ومن مهاراتِ التّقاليدِ..
ثمّ يتزايدُ الرّذاذُ
ويتكاثفُ الضّبابُ
وتتوالى الأنوارُ،
تذهبُ بعقلِكَ النّسيجةُ الحالمةُ
تُنسيكَ ما بَعدُ عليكَ
وما يجبُ..


عند ملتقى البحرِ بالرّيفِ
في دوﭬﻴﻞ ووصيفاتِها الحِسانِ
امتلأَ صدري
بأنفاسٍ من النّورماندي
ومن المانشِ
وعادتني ذكرى نُصرةِ الشّعوبِ للشّعوبِ
بوجهِ وجوهِ الطّغيانِ
فهاجَني ما بِلُبناني:
حَبلٌ على الغاربِ
لفقّاساتِ الجنونِ
وليس مَن يقسّمُ على هذا الجنونِ!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها