فرنسوا ضاهر

الأثنين ١٨ تشرين الثاني ٢٠١٩ - 07:33

المصدر: صوت لبنان

في آلية استرداد الأموال المنهوبة

ما زالت الطبقة الحاكمة تذرُّ الرمادَ في عيون الناس

بأنها فتحت الباب لاسترداد الأموال العامة المنهوبة والمسروقة

من خلال القوانين السارية المفعول 

وتلك التي تُزمع إقرارَها في المجلس النيابي.

كما من خلال إطلاق يد القضاء في التحقيقات والملاحقات

التي باشرتها النيابات العامة 

بدعوة بعض المسؤولين والسياسيين والاستماع اليهم

على سبيل المعلومات.

غير إن هذه المقاربة لاسترداد الأموال العامة 

تفترض:

أولاً: إطلاق ملاحقات فرديّة تتناول اما مسؤولين 

واما سياسيين محدّدين.

ثانياً: إجراءات قضائية متشعّبة ومتدرّجة حتى بلوغ أحكام قضائية

مبرمة بالإدانة.

ثالثاً: إجراءات تنفيذية لتلك الأحكام، لغاية التوصّل إحتمالاً الى تحصيل 

بعضٍ من تلك الأموال المسروقة او المنهوبة.

وإن إعمال هذا النوع من الإجراءات، إستناداً الى هذه الفئة من القوانين،

يتمُّ عندما تواجه الدولة حالاتٍ من الفساد بمعرضِ مسارِ ادارة الشأن العام.

لكن، عندما يكون الفسادُ واقعاً على مستوى مجمل الطبقة الحاكمة 

لعقود من الزمن، منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي،

وبعدما تبيّن للناس أن خزينةَ دولتِهم قد أُفرِغَت، 

وأن احتياطَها من الذهب باتَ يضمنُ ديونَها الخارجية، 

وأن إيداعاتَهم في المصارف قد تحوّلت الى مديونية عامة، غيرُ قابلة للايفاء، 

وأن ما تبقّى لهم من تلك الايداعات يوزّع عليهم بالتقطير 

قرشاً دائراً، كما قال بالأمس حاكم مصرف لبنان،

فإنه باتَ يتوجّب على الشعب الثائر ان يطالبَ الحكومة المرتقبة، 

بأن تفوَّضَ من المجلس النيابي بإصدارِ مرسومٍ إشتراعيٍ، 

يجيزُ لها: 

  • إحصاءُ كل الذين عملوا في القطاع العام من الفئة الثانية وما فوق،

او تعاملوا او تعاقدوا معه، 

  • ورفعُ السريّة عن أموالهم المنقولة وغير المنقولة في لبنان وخارجه، 

وعن أموال عائلاتهم وأصولهم وفروعهم وأعوانهم والمقرّبين منهم،

وإحصاءُ تلك الأموال، 

  • وتجميدُها، 
  • ودعوتُهم الى إثباتِ مشروعِية حيازتِهم لها. 

بحيث يصار الى اقتطاعِ ومصادرةِ الجزءْ الذي لا يتناسب مع

أعمالهم والوظائف والمهام التي تولّوها، من خلال هيئات،

تؤلَّف لهذه الغاية، ذاتُ طابعٍ قضائي.

فيتمُّ، بفعل هذا الإجراء، استرداد ما أمكن من الأموال المسروقة

والمنهوبة، وإيفاءُ المديونية العامة بها، كما وإعادةُ تكوين احتياطي مصرف لبنان، منها.

وإنه لإمكانية مقاربة هذا الحلّ لاسترداد الأموال العامة المنهوبة،

لا بدّ ان يكونَ شعبُ لبنانَ الثائر، 

  • بثورته التاريخيّة، التي انطلقت في 17 تشرين الأول – 

قد رفعَ الغِطاءَ عن أفراد الطبقة الحاكمة الذين ساسوا شؤونه لعقود من الزمن،

وتلاعبوا بعواطفه فأوصلوه الى حافة الهاوية بالركود الاقتصادي المستفحل 

والانهيار المالي الوشيك.

من هنا، ليسَ من مجالٍ لاستردادِ الأموال العامة المنهوبة والمسروقة، 

بشكلٍ فاعلٍ وجدّي،

إلاّ إذا حوّل اللبنانيون شعارَهم باستردادِها، الى فعلٍ يطالبون بإتمامه،

وفق الآلية المقترحة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها