play icon pause icon
فرنسوا ضاهر

فرنسوا ضاهر

الأحد ٨ آب ٢٠٢١ - 08:00

المصدر: صوت لبنان

في أسباب عدم ولادة حكومة للبنان

إن تسوية 2016 قد جاءت على حساب ثورة الأرز
والمشروع السيادي لقوى 14 آذار، حيث تمّ تسليم مقاليد حكم البلد الى قوى 8 آذار، وتحديداً الى حليفيْ إتفاق مار ميخايل في 6/2/2006.

وكان من نتيجة تلك التسوية أن تولّى الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة على مرحلتين، ما قبل وما بعد الإنتخابات النيابية التي جرت في أيار 2018، كشريك وكغطاءٍ سنّي لتلك التسوية.

غير أنه إثر إندلاع ثورة 17 تشرين الأول 2019، إضطرّ الرئيس سعد الحريري الى تقديم إستقالته على خلفية خروجه على تسوية 2016.

الأمر الذي أربك الجناحيْن الباقييْن فيها حليفيْ 6/2/2006.

فعمدا الى ترميمها من خلال حكومة مستقلّة في الظاهر، إسترضاءً لمطالب الثوّار، وباطنها غطاءً سنيّاً مقنّعاً للتسوية عينها. فكانت حكومة الرئيس حسان دياب.

غير أن إنفجار مرفأ بيروت في 4/8/2020 قد فجّر بدوره حكومة الرئيس حسان دياب من الداخل، بإستقالة وزرائها تباعاً، ما حمله في حينه مرغماً على تقديم إستقالته.

فتعثّرت من جديد تسوية 2016، بفقدانها الغطاء السنّي لها.

كما وإن تفجير مرفأ بيروت قد أدخل المجتمع الدولي على الساحة اللبنانية، من خلال المبادرة الفرنسية الإنقاذية للبنان.

تلك المبادرة التي فرضت تكوين حكومة جديدة من المستقلين والإصلاحيين، حتى يُصار الى دعم لبنان وتعويم إقتصاده وإنقاذ مرافقه الحيوية.

من هنا، إشتدّت المواجهة بين المجتمع الدولي من خلال تلك المبادرة، وحلفاء 6 شباط 2006 الممسكين بمقاليد السلطة الإجرائية.

فإذ بهم يتوسّلون موقع رئاسة الجمهورية وتوسيع مفاهيم الصلاحيات المناطة بها، كي يعرقلوا أي رئيس يُكلّف بتشكيل حكومته، لا يوفّر غطاءً لمشروعهم السياسي، ولديمومة إمساكهم بمقاليد السلطة الإجرائية ولإستمرارية تحكّمهم بمفاصلها بعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي.

هذا ما يفسّر إسقاط التكليف البرلماني الذي حظيَ به السفير مصطفى أديب، ومن بعده الرئيس سعد الحريري، وصولاً الى الرئيس نجيب ميقاتي في المرحلة الراهنة.

وهذا ما يظهّر أيضاً أن المجلس النيابي، بعدما كان منقسماً سابقاً بين قوى 14 و8 آذار، قد أضحى منقسماً اليوم، بين القوى الموالية لمشروع حلف الأقليات، وتلك الموالية للميثاق الوطني اللبناني وللتوازنات التي أرساها دستور الطائف.

وإنه في خضم هذا الإنشقاق العامودي في المجلس النيابي بين مشروعين، يدوران حول الهوية اللبنانية والكيان المستقبلي للبنان. في ظل تموضع بعض القوى السياسية في الوسطيّة الرمادية للإصطفاف مع المشروع الذي تقدّر له الغلبة، نتيجة الصراع الحاد الدائر في المنطقة، بين الغرب وبلدان الممانعة، نشهد إستمرار تعثّر تأليف أية حكومة جديدة للبنان. إلاّ إذا تكوّنت على نحوٍ يؤمّن مصالح ونفوذ وإستمرارية حكم حلفاء 6/2/2006 للمرحلة المقبلة.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها