المصدر: صوت لبنان
في استحالة النظام الفدرالي في لبنان
إنه لإقرار النظام الفدرالي في لبنان لا بدّ من توافر الشروط الأوليّة التالية :
١- أن يتوافق جميع اللبنانيين على إقراره الأمر الذي سيرفضه الجناح المسلم، ولا سيما، الثنائي الشيعي. لان المصدر الأساسي لتمويل الخزينة العامة، هما محافظتي بيروت وجبل لبنان، منذ نشأة هذا البلد، وبيده منذ عقدين قرار إنفاق ما في تلك الخزينة وحجب هذا الإنفاق حينما يرتأي ذلك (خلافاً للدستور).
٢- ولأن النظام الفدرالي يُبقي بيد السلطة المركزية
(Gouvernement Fédéral) ثلاثة مواضيع أساسية، الدفاع الوطني، النقد / المالية العامة والسياسة الخارجية.
٢/أ- وهي المواضيع التي يختلف حولها اللبنانيون بشكل حاد، ويتصارعون ويتصادمون حولها أيضاً. بخاصة وأن سلاح حزب الله هو سلاح أميري تابع لقيادة وأمرة وأهداف الجمهورية الاسلامية في إيران لأمد غير منظور.
ولأنه في ضوء هذا الواقع يكون من المتعذر إيجاد توافق وطني حول حياد لبنان وتحييده عن الصراعات الإقليمية الجارية في المنطقة العربية.
ولأنه لا يمكن إخضاع هذا السلاح لأي استراتيجية دفاعية التي من شأنها أن تجعل قيادته وأمرته بيد السلطة الشرعية الوطنية.
٢/ب- ولأنه بعد إنهيار القطاعين المالي والمصرفي في لبنان لا يوجد توافق وطني ولا تعاضد شعبي للنهوض بهما من جديد، على يد اللبنانيين المقيمين وجالية اللبنانيين المغتربين. في ظل الانقسام العامودي الحاصل بين أبناء الأمة، حول هوية لبنان وكيانه وصورة مستقبله.
٣- فأمام هذه المعوقات الجوهرية يكون طرح النظام الفدرالي كحل للواقع اللبناني طرحاً مستحيل التحقّق بذاته. وإن كانت خلفيات ومسببات طرحه مبرّرة ومشروعة ومستحبة لدى غالبية القواعد الشعبية.
٤- لذا، بات يتعين على القادة اللبنانيين الذهاب الى طرح نظام سياسي جديد يوائم الواقع اللبناني من جهة، ويتخطى المعوقات التي تحول دون إقراره من جهة أخرى. ألا وهو السير بالنظام الكونفدرالي أي النظام الاتحادي بين دولتين. دولة في المشروع الممانع ودولة ثانية خارجه، يعود لكل من قادتها إعلانه بالانفراد، في ظل عصيان مدني وإستفتاء شعبي.
وذلك ما دام ثابت أن تجربة النظام المركزي قد أثبتت عقمها على مدى ما يزيد على المئة عام، ورغم كل التعديلات والمواثيق والأعراف والممارسات (غير الدستورية) التي طرأت على دستور ١٩٢٦، في إرساء الاستقرار والطمأنينة والأمان في ربوع لبنان، “وطن الرسالة”.
علماً أن هذا هو النظام (الكونفدرالي) الذي طرحه فخامة الرئيس كميل نمر شمعون للبنان سنة ١٩٧٧، بمعرض أعمال اللجنة الدستورية للجبهة اللبنانية، وقد كنت عضواً فيها من قبله والى جانبه.
فإقتضى التصويب.
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها