فرنسوا ضاهر

الخميس ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٢ - 08:10

المصدر: صوت لبنان

في الساعين لإسقاط دستور الطائف

إن الذين يسعون الى إسقاط دستور الطائف هم فئات أربع:

الفئة الأولى: هي فئة السياسيين والأحزاب السياسية التي تريد التبرّؤ من مسؤولية ما وصلت إليها أوضاع البلاد على كافة الصعد وفي كافة المجالات وفي كلّ القطاعات دون أي تمييز أو إستثناء. فينسبون الى النظام السياسي بحدّ ذاته كلّ تلك الأوضاع.

الفئة الثانية: هي فئة السياسيين الإنقلابيين على دستور الطائف منذ نشأته. ولا سيما، حليفا إتفاق مار ميخائيل (6/2/2006)، لأنهما يرميان الى إسقاطه وإسقاط الميثاق الوطني اللبناني، وتثبيت مشروعهما السياسي القائم على حلف الأقليات، الذي يتماهى مع المشروع الممانع وسعيه المتواصل الى التمدّد في المنطقة وفي بعض الدول العربية (سوريا، العراق، اليمن، لبنان، الكويت …).

الفئة الثالثة: هي فئة السياسيين الذين يسعون الى إسقاط دستور الطائف وإستبداله بنظام سياسي جديد قائم على إلغاء الطائفية السياسية. لأنهم يروا في توزّع السلطات الدستورية على الطوائف والإدارات والمؤسسات العامة، مصدرَ فشل وهدر وفساد، ما أدّى الى أوضاع البلاد الراهنة.

الفئة الرابعة: هي فئة من ثوار 17 تشرين ومن النواب التغييريين الذين يسعون هم أيضاً الى إسقاط النظام السياسي القائم على دستور الطائف وإستبداله بنظام علماني قائم على المواطنة والمساواة والعدالة الإجتماعية وتولية الأكفياء المواقع والمناصب والمسؤوليات العامة.

غير أن حقيقة الأمور، هي أنه ليس بإستطاعة أحكام الدستور، مهما ساءت أو نقصت أو أغفلت أن توصل البلاد الى أوضاعها.
بل أن الطبقة الحاكمة وعلى مستويات مختلفة ومرتبات متفاوتة التي عهد إليها حكم البلاد منذ دستور الطائف، في ظلّ الوصاية السورية، التي إمتدّت منذ سنة 1990 ولغاية 2005. وبعدها في ظلّ الوصاية الإيرانية على لبنان التي أخذت في التمدّد منذ تلك السنة (2005) وحتى تاريخه، هي من أوصل البلاد الى تلك الأوضاع. تبعاً لإنشطار تلك الطبقة المتواصل والعامودي بين مشروعين سياسيين ومعسكرين. الأول إستقلالي سيادي، والثاني تبعيّ للخارج ذمّي وإنقلابي.

والحلّ لا يكمن في إسقاط النظام السياسي القائم وإستبداله بنظام جديد، بل بعقد العزم على حسن تطبيقه وتنفيذه أولاّ بأول، بدءاً بإنتخاب رئيس جمهورية جديد، يكون بشخصه قدوةً ومرجعاً وضمانةً وطنية، حتى يتولّى عملية التصحيح والتصويب الدستورية.

ذلك أن إسقاط النظام القائم سيفتح الباب على تصدّع الميثاق الوطني اللبناني، وأخذ البلد بإتجاه اللامركزية الموسّعة والفدرالية وصولاً الى التقسيم والكونفدرالية، وربما على نار حامية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها