فرنسوا ضاهر

الجمعة ٢٨ أيار ٢٠٢١ - 08:22

المصدر: صوت لبنان

في القواعد التي ترعى إقرار القانون الإنتخابي الأكثر عدالةً (مناصفةً) والأكثر صحةَ تمثيلٍ لجميع اللبنانيين

o لقد نصت ” وثيقة الوفاق الوطني “، التي صدّقها المجلس النيابي في جلسته المنعقدة بتاريخ 5/11/1989، تحت باب (3) ” الاصلاحات الاخرى “، فقرة أ/3 على ما يلي:

” إعادة النظر في التقسيم الاداري بما يؤمن الانصهار الوطني وضمن الحفاظ على ” ” العيش المشترك…”

o كما نصّت في الفقرة (ج) من ذات الباب، على ما يلي:

” ج- قانون الانتخابات النيابية “
” تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون انتخاب جديد على أساس المحافظة، يراعي ” ” القواعد التي تضمن العيش المشترك بين اللبنانيين وتؤمّن صحة التمثيل السياسي لشتى ” ” فئات الشعب وأجياله وفعالية ذلك التمثيل، بعد إعادة النظر في التقسيم الإداري في ” ” إطار وحدة الأرض والشعب والمؤسسات.”

o اما المادة 24 من الدستور فقد نصّت بدورها على التالي:

” يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفيّة إنتخابهم وفاقاً لقوانين ” ” الانتخاب المرعية الاجراء. “
” والى ان يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، توزّع المقاعد النيابية ” ” ” وفقاً للقواعد الآتية: “
” أ- بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.”
” ب- نسبياً بين طوائف كل من الفئتين. “
” ج- نسبياً بين المناطق. “
” (…) “

بنــــــــاءًعلـى ما تقــدّم،

1- ان الغاية من كل قانون إنتخابي هو ان يجيز تمثيل الارادة الشعبية أفضل تمثيل. بمعنى ان يتمكّن الشعب من اختيار ممثليه في المجلس النيابي الذين يعبّرون بصورة مباشرة ولصيقة به عن آرائه وإرادته في كل المسائل ذات الطابع العام.

2- كما وان الخصوصية اللبنانية تفترض ايضاً ان يجيز القانون الانتخابي تمثيل المناطق والعائلات والطوائف أفضل تمثيل. بمعنى ان لا تقسّم الدوائر الانتخابية على نحو يعيق صحة التمثيل. بحيث لا تؤثّر الأكثرية العدديّة من طائفة معيّنة او من أبناء منطقة جغرافية معيّنة، في اختيار بقية المرشحين للنيابة ضمن ذات الدائرة الانتخابية.

3- كما انه يفترض بالقانون الانتخابي، ان يراعي ” ميثاق ومقتضيات وضوابط العيش المشترك ” في المدن والقرى المختلطة طائفياً. إذ إنتلك الصيغة (صيغة العيش المشترك)هي مترسّخة بين أبنائها على مدى أجيال وعقود من الزمن.

4- وان يراعي ايضاً احترام ” قاعدة المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين. “بمعنى ان يكون حجم الدائرة الانتخابية مراعياً حصراً لمقتضيات العيش المشترك، ومن دون ان يكون هناك أغلبية عدديّة من طائفة معيّنة قادرة على ان تقرّر في اختيار ممثِّلي طائفة اخرى.

5- وان يراعي ” حقوق الناخب”، لناحية تمكينه من اختيار كل ممثّليه الى الندوة النيابية ضمن دائرته الانتخابية. بمعنى أنه يعود له ان يكوّن لائحته بالاقتراع من المرشحين الذين ترشّحوا عن الدائرة الانتخابية التي ينتمي اليها.

6- وان يراعي ايضاً ” حقوق المرشَّح “،لناحية أن يُجاز له الترشُّحمنفرداً أوأن ينضويَ الى لائحة من اللوائح المتنافسة ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة.

7- وان يكون ” تقسيم الدوائر الانتخابية “، متجانساً ومتقارباً ومتشابهاً وحتى موحّداً في معياره، على مجمل أراضي الجمهورية اللبنانية.

8- وان يرسي القانون الانتخابي طمأنينة عند الناس، وان يكون مصدراً لتهدئة النفوس، وإطفاء الغرائز، وإسكات العصبيّات الطائفية والعائلية والمناطقية. بمعنى ان يكون لكلّ مجتمع ضيّق، متعايش مع بعضه، ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة، ممثّلوه الذاتيون والأقربون اليه والى مشاكله وهمومه واحتياجاته، ومنبثقون عنه مباشرةً، تبعاً لمكانتهم وائتمانهم وجدارتهم وكفاءتهم الشخصية.

9- وان يجعل من الطمأنينة التي يرسيها، مصدراً لتنمية روح المواطنية عند الناس، وتعزيز الشعور السيادي، وان يكون مدخلاً لإقرار اللامركزية الموسّعة. بمعنى ان تجميع بعض الدوائر الانتخابية المتجانسة مناطقياً وطائفياً وسوسيولوجياً، يشكّل أرضيةً لتحديد النطاق الجغرافي لكلّ سلطة محليّة على حدة.

10- كما وان يُسْهِم في نشأة جيل جديد من السياسيين، ويَدفَع بإمكانية استبدال ممثّلي الشعب في كل دورة انتخابية. ما دام ان المرشحين المتتالين على النيابة يأتون من رحم البيئة الضيقة التي تشكّل ناخبيهم.

11- وان لا يحمل في مرتكزاته غلبةً او ارجحيّةً في التقرير لإحدى الطوائف على غيرها، او لإحدى المناطق على ما عداها، او لمجتمع على سواه.

12- وان يكون حائلاً دون التصادم بين العائلات اللبنانية على اختلافها وتنوّعها وتعدّد مذاهبها وأطيافها ومشاربها.

13- وأن يكون حائلاً ايضاً دون تفشّي الرشوة الانتخابية وشيوعها واتّساع رقعتها. على اعتبار ان ضيق الدائرة الانتخابية وصغر حجمها يضيّق انتشار تلك الرشوة ويمنع توسّع رقعتها، تبعاً لصلات القربى والمعرفة الشخصية والاعتبارات الذاتيّة التي تكون قائمة ومترسّخة بين المرشّح على المقعد النيابي والناخب. وذلك أياً تكن درجة ثقافته ومهما بلغت درجة احتياجاته المادية. في حين، إنه بقدر ما يتوسّع النطاق الجغرافي للدائرة الانتخابية تتلاشى الاعتبارات الذاتية المتقدّم ذكرها، فتسهل بالتوازي إمكانية الرشوة الانتخابية وتتوسّع رقعتها.

14- بحيث إن إستجماع كل هذه القواعد الأساسية والمفصليّة من القانون الانتخابي المحدَّث، إثر ثورة 17 تشرين الأول، يحمل الى تقسيم اراضي الجمهورية اللبنانية الى دوائر انتخابية صغرى، لا يتجاوز عدد المقاعد النيابية في كلٍّ منها، الثلاثة. ويقترع فيها الناخبون بلوائح مركّبة او حرّة، ويتمّ إخضاع العملية الانتخابية للنظام الأكثري لجهة تحديد نتائجها.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها