الياس الزغبي

الثلاثاء ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢٢ - 12:42

المصدر: صوت لبنان

في بطانة كلام الأسد

من اللافت أن يتوقف المراقبون عند تزامن دعم النظامَين الإيراني والسوري ل”ح-ز-ب ا-ل-لّ-ه” في لبنان، على لسان رئيسيهما خامنئي والأسد، وربطه في سياق واحد تحت “محور المقاومة والممانعة” وسياسة توحيد الميادين.
ومن السهل الاستنتاج أن الأسد يلتزم استراتيجية إيران الحاضرة بقوة في سوريا عسكرياً ومخابراتياً وسياسياً، وأنه لا يستطيع الفكاك من الطوق الإيراني ومن حاجته إلى دعم طهران.
ولكنّ الاكتفاء بهذا الجانب من التكامل المطلق والتنسيق اللصيق بين النظامَين يتجاهل مؤشرات كثيرة ميدانية وسياسية حول خلافات، وربما صراعات مكتومة بينهما، ليس أقلها التسابق على الإمساك بالأرض والقرار في بعض المناطق السورية، والملف الكردي الملتهب، وعلاقتهما الملتبسة مع تركيا وروسيا وبعض الدول العربية.
ومن المفيد التوقف عند تصريح الأسد، وهو من المواقف النادرة له في غمرة أزمة نظامه، حين اكتفى بإعلان دعمه، سابقاً وراهناً ومستقبلاً، ل”ح-ز-ب ا-ل-لّ-ه”، متجاهلاً تجاهلاً كلّياً دعم “الحزب” وإيران له في حروبه الداخلية المستمرة منذ ١١ عاماً ونصف العام.
هذا التجاهل يعني ما يعنيه حول طبيعة العلاقة المأزومة والمكتومة بين “الحلفاء الألدّاء”، وليس الملف اللبناني إلّا حلقة من حلقاتها.
وفي المعلومات المتواترة من داخل “فريق الممانعة” أن تخريج مشكلة “ح-ز-ب ا-ل-لّ-ه” في عجزه عن حسم إسم مرشحه للرئاسة اللبنانية بخلاف “التيار العوني” و”المردة” يُخفي حقيقة القطبة السياسية.
ف”الحزب” وإيران يتوجّسان من منح النظام السوري ورقة متقدمة في لبنان من خلال رئيس (سليمان فرنجية) لا يتورّع عن الاصطفاف مع بشار الأسد عندما يطرأ أي خلاف علني مع طهران أو حارة حريك.
وتضيف المعلومات أن “الورقة البيضاء” في جلسات انتخاب رئيس الجمهوربة تحمل رسالة إلى الحليف السوري “اللدود” أكثر ممّا هي للمعارضة اللبنانية، وأن هناك سعياً إيرانياً لحصول “ح-ز-ب ا-ل-لّ-ه” على ضمانات من دمشق وبنشعي بعدم الانقلاب عليه في مرحلة لاحقة.
فعلاً، إن “شرّ البليّة ما يُضحك”، فالضمانات باتت عكسية، وكأنَ إيران التي تعاني من أزمة داخلية صعبة تريد تخفيف أثقالها الخارجية وتبحث عن تطمينات حول مصير أذرعها في الدول العربية ولاسيما لبنان.
ولم يكن الغطاء الإيراني للترسيم البحري مع إسرائيل سوى مدخل لغطاء آخر في “الترسيم الرئاسي” اللبناني، في إطار سياسة تخفيف الأعباء، والبيع والشراء مع واشنطن وباريس، خلافاً لكل مظاهر العداء ل”الاستكبار العالمي”.
ولكنّ هذا الصراع الإيراني السوري المكتوم يُغفل واقعاً مغايراً لهذه الحسابات بقفزه فوق القدرة اللبنانية الداخلية على تعطيل هذه الصفقات، فلم يكن ثبات أكثر من ثلث مجلس النواب خلال جلسات الانتخاب على خيار رئاسي صلب سوى رسالة إلى “محور الممانعة”، سواء اختلف أو اتحد، بأنه عاجز هذه المرة عن فرض رئيس جمهورية “وطن الأرز”.
والاستقواء بالصفقات مع الغرب لا يكفل له “الانتصار” طالما أن هناك إرادة لبنانية حرة تتصدّى للمؤمرات.
فمن أسقط مخطط براون كيسنجر بين العامَين ١٩٧٥ و ١٩٨٢، ما زال حيّاً يُرزق، ولن يستحيل عليه إسقاط المخطط الجديد.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها