play icon pause icon
فرنسوا ضاهر

فرنسوا ضاهر

الأحد ٢٦ أيلول ٢٠٢١ - 08:00

المصدر: صوت لبنان

في خدعة التغيير بالإنتخابات النيابية المقبلة

إن غالبية الطبقة تتشدّق بالقول للناس
إنتظروا الإنتخابات النيابية حتى يحصل التغيير
الذي سيغيّر كل الأوضاع في البلد
ويأخذه إلى مرحلةٍ جديدةٍ من التنامي والأمل والبناء.

ويدعونهم إلى المشاركة في تلك الإنتخابات
لأنها مفصليّة، وهي مفتاح التغيير المنشود.
وعليهم أن لا يغفلوا هذه اللحظة التاريخية حتى
يحاسبوا كل الطبقة السياسية التي أوصلتهم
إلى كل أوضاعهم وعلى كافة الصعد
دون أي استثناء على الإطلاق.

غير أنه لا يجب أن يغيب عن بال الذين يطرحون
هذه النظرية أنهم هم واضعوا القانون الإنتخابي
الحالي وأنهم نسجوه على قياس نفوذهم، كما حبكوه
على حجم توزّع النفوذ فيما بينهم،
وأرسوه على قواعد ضمنوا من خلالها تأبيد
زعامتهم.

فجاء القانون الإنتخابي الذي أقرّوه سنة ٢٠١٧
غير دستوري وغير عادل وغير معبّر عن صحة التمثيل الطائفي
ولا عن صحة الإرادة الشعبية.

حتى حمل الأمر الغالبية الساحقة من اللبنانيين على مقاطعة
الإنتخابات النيابية التي جرت في أيار ٢٠١٨ وذلك بنسبة
فاقت ٥٢% من المقترعين.

فضلاً عن أن السلطة المشرفة على تلك الانتخابات آنذاك
قد همّشت الناخبين المغتربين، المعارضين لها، وسهّلت
لمؤيديها ممارسة حقّهم بالإقتراع.

أما القانون الإنتخابي الحالي بحدّ ذاته، القائم على:

  • الدوائر الإنتخابية الكبرى، التي تغلّب الطائفة الأكثر عدداً فيها،
    على سواها،
  • واللوائح المقفلة، التي تتطلّب تحالفات ظرفية وتعاضدية بين قوى
    من أركان المنظومة الحاكمة، مقتدرة مالياً ونافذة سياسياً،
    فتفرض على الناخب قائمة مرشحين غالباً ما لا يعنون له
    إلاّ لمجرّد مفاضلته لأحدهم بالصوت التفضيلي الذي أُعطي له،
    لشدّ العصب الطائفي والحزبي والولائي للزعيم التقليدي،
    ما يجعل إسقاط أركان تلك المنظومة أمراً متعذّراً بل مستحيلاً.

بحيث فيما لو لم تفضِ الإنتخابات النيابية المرتقبة في أيار ٢٠٢٢
إلى استيلاد طبقة سياسية جديدة، يكون اللبنانيون مسؤولين
عن إعادة مبايعتهم لنفس الزعماء الذين أوصلوهم إلى أوضاعهم،
ويكونوا قد محضوهم إبراءً عما فعلوه بالبلاد،
وثبّتوا مشروعيتهم لما قد يفعلونه لاحقاً.

وهكذا تكون الطبقة الحاكمة قد تبرّأت من كلّ جرائمها
وأفعالها وإرتكاباتها، وتكون البلاد في عهدة حكمها من جديد.
ويكون بذلك اللبنانيون مسؤولين عن تكرار المصير المشؤوم الذي عاشوه.

لذا، يكون طرح التغيير بالإنتخابات النيابية المرتقبة طرحاً غيرَ واقعيٍ ومزيّفاً
وغيرَ صادقٍ ولن يكون السبيل الصافي والسليم لإعادة بناء البلد على أسس التعافي.

في حين، أنه لإحداث تغيير جذري في الطبقة السياسية الحاكمة،
كان لا بدّ من إعادة إعتماد النظام الإنتخابي الأكثري بدوائر صغرى،
وليس فردية، لحماية ميثاق العيش المشترك في المجتمعات الصغيرة
والمختلطة طائفياً.
وهذا ما كان يجب أن تطالب به ثورة 17 تشرين الأول، كمنطلق
للتغيير بالوسائل السلمية والديمقراطية. فأغفلت هذا المطلب.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها