فرنسوا ضاهر

الأحد ١٦ شباط ٢٠٢٠ - 07:54

المصدر: صوت لبنان

في مسؤولية المنظومة الحاكمة

في الواقع، إنَّ المنظومة الحاكمة التي
أدارت البلاد إبان حقبة الوصاية
السورية (1990 -2005)
وبعدها (2005 -2019)
قد أوصلت البلاد الى الأوضاع الكارثية،
التي يعاني منها شعبها على كافة الصعد
دون أي استثناء، الخدماتية، الإجتماعية،
الحقوقية، المالية، الإقتصادية، المصرفية،
حتى النقدية مؤخراً.

وإنَّ أياً من زعماء تلك المنظومة يمكنه أن يتبرّأ
من مسؤولية وصول البلد الى هذه الأوضاع
المتكاملة سوءاً، التي أخرجته عن تاريخه
وحضارته وضربت مرتكزات كيانه
وأضعفت السيادات التي تتكوّن منها السيادة

الوطنية الشاملة التي منها السياسية
والاقتصادية والديمغرافية والمالية.

غير أن هذا التأكيد يحمل تلييناً موضوعياً
تجاه السياسيين القلائل الذين، بمعرض مشاركتهم
في الحكم، نتيجة تمثيلهم الشعبي، قد عارضوا
مساراته، ولم يقحموا نفسهم في تسوياته،
ولم يسكتوا عن ارتكاباته، وناهضوا صفقاته
المشبوهة، وحلوله الملتوية المشبعة بالمنافع
والمغانم، ولم يرتضوا إرهاق القطاع العام
بزبائنيتهم السياسية، ولم يبدّدوا مال الخزينة
بنهبها وسرقتها.

أما الذين أفشلوا البلد وأرْدوه على ما هو عليه
لا يمكنهم أن يقولوا لشعبه ” إرحل إن لم يُعجبكَ الواقع ”
بل عليهم هم أن يرحلوا عن صدر هذا الشعب.
لأن الشعب هو الذي ائتمنهم على حكمه، وليسوا هم
سِفْرَ تكوينه.

غير أن ترحيلهم لا يمكن أن يتمّ إلاّ بعد أن يفرغوا
جيوبهم في خزينة الدولة وتصادر أموالهم – بعد تعقبها –
في لبنان وخارجه لمصلحتها. وذلك عندما لا يتناسب
حجم تلك الأموال مع المهام والوظائف والمناصب
والأعمال التي تولّوها في القطاع العام.

بحيث إن حجمَها يكون، بحدّ ذاته، دليلاً على عدم مشروعيتها.
وإنه باتَ على أصحابها أن يثبتوا هم، كيفيّة بل مشروعية
اكتسابهم لها.

وإن حكومة الرئيس حسان دياب مدعوةٌ اليوم الى التنكّر
للسلطة التي عيّنتها، كي تبادر الى اتخاذ التدابير الموجعة
ليس بحق الناس، التي تلامس الأرض فَقْراً ومجاعةً
وبِطالةً، بل بحق القطاع العام والعاملين فيه وأركان
الطبقة السياسية الحاكمة فيه، الذين عاثوا في البلد
فساداً وهدراً وسرقةً ونهباً.

حتى تضحيَ ثورة 17 تشرين (الأول) الحقّة، ركيزةَ
تلك الحكومة، وسَند مشروعيتها، ودَعامة مقرّراتها،
حتى تتجلّى إنقلاباً أبيضاً على الذين ولّوها.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها