فرنسوا ضاهر

السبت ١ أيار ٢٠٢١ - 14:08

المصدر: صوت لبنان

في مقولة إستعادة حقوق المسيحيين

إن مقاربة هذا المصطلح لا يمكن أن تتمّ إلاّ بصورة موضوعية لتحديد بُعدِه الواقعي وإستبعاد كلّ تضليل أو شعبوية قد يكتنزه.

نتكلّم هنا طبعاً عن الحقوق الدستورية للمسيحيين وما إذا كانت تتمّ إستعادتها أم لا، خلال الولاية الرئاسية الحالية.

في الواقع، منذ نشأة لبنان الكبير سنة 1920، وإنعقاد الميثاق الوطني سنة 1943، المتمّم والمعدّل بالأعراف الدستورية لأحكام ذلك الدستور، لم يخسر المسيحيون أيّاً من حقوقهم الدستورية، رغم ثورة 1958 والحرب الأهلية سنة 1975.
وذلك حتى إندلاع حرب التحرير في 14/3/1989
التي إنتهت بإقرار ” وثيقة الوفاق الوطني اللبناني “
في مدينة الطائف في 22/10/1989،
والتي صدّقها المجلس النيابي في 5/11/1989.
والتي تحوّلت، بعد ذلك، الى قانون دستوري في
21/9/1990.
الذي خسر به المسيحيون بعضاً من حقوقهم الدستورية
التي كانت لهم بدستور 23/5/1926، والتي أساء المسيحيون ممارستها، بخاصة في سنتيْ 1988 و1989.

أما خلال عهد الوصاية السورية، فقد خسر المسيحيون
بعضاً من المناصب – مناصب الفئة الأولى – التي كانت توليهم رئاسة مؤسسات مركزية (النيابة العامة التمييزية، رئاسة الجامعة اللبنانية، المديرية العامة للأمن العام…).

أما خلال العهد الحالي، الذي ينادي ” بإستعادته لحقوق المسيحيين ” فلم يستعد المسيحيون خلاله أيّاً من الصلاحيات الدستورية التي خسروها بدستور الطائف، كما لم يستردّوا أيّاً من المناصب التي خسروها أيضاً، بالممارسة السياسية، خلال عهد الوصاية السورية.

وكلّ ما في الأمر، هو أن الحلف الاستراتيجي الذي أُبرم بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله في 6/2/2006، والذي يحمل في الباطن ” حلف الأقليات “، قد أتاح لرئيس الجمهورية، بغطاء من الحزب المذكور أو بتحريض منه:

• تجاوزات، بمعرض ممارسته لصلاحياته الدستورية النظاميّة، أخذت طابع المصطلحات الدستورية (الميثاقية، والديمقراطية التوافقية، والثلث المعطّل، والحصة الوزارية المحفوظة لرئيس الجمهورية وغيرها) والتي رمت مجتمعة الى تحجيم موقع ودور رئيس الحكومة السنّي، بمعرض تشكيله لأية حكومة برئاسته أو بمعرض ممارسته لصلاحياته الدستورية خلال عملها وتولّيه لوظائفها.


• كذلك الإستئثار، ما أمكن، بكلّ المواقع والمناصب والوزارات المحفوظة دستوراً أو عرفاً، للمسيحيين، وتولية محازبين أومقرّبين له، عليها.

بحيث يصحّ الإستنتاج أن العهد الحالي الذي لم يتمكّن:

• فعلاً من إستصدار تشريع دستوري من المجلس النيابي يعيد الى المسيحيين بعضاً من الحقوق الدستورية التي خسروها بإتفاق الطائف.
• ولا من إستعادة أيّ من المناصب التي خسرها المسيحيون خلال عهد الوصاية السورية

يكون قد اكتفى فقط بالتجاوزات على الدستور، وبالإستئثار لنفسه وحزبه وجماعته ولفيفه بالمواقع والمناصب المحفوظة أساساً للمسيحيين.

ويكون قد أفرغ، بالتالي، شعار ” إستعادة حقوق المسيحيين ” من كلّ مضمون فعلي أو محتوى عملي، فبقيَ بمرتبة ” الشعار الشعبوي ” المزيّف والمضلِّل لشعبه وللأمم الصديقة المتعاطفة مع هذا البلد. ولا سيما دولة الفاتيكان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها