فرنسوا ضاهر

الأحد ٢٥ تموز ٢٠٢١ - 08:00

المصدر: صوت لبنان

قراءة في المرحلة السياسية الراهنة

إن حَمل الرئيس سعد الحريري على الإعتذار عن تأليف حكومة إنقاذية للبنان، لكونها تتبنّى المبادرة الفرنسية،
قد شكّل، في الظاهر، إنتصاراً لفريق رئيس الجمهورية على السنيّة السياسية لكونه حجّم دورها، بالممارسة غير الدستورية، في تأليف الحكومات في لبنان،
وأجاز توجيه ضربة قاسية لرمز الحريرية السياسية في هذه المرحلة. بما لها وعليها، كسواها من القوى السياسية في لبنان.
كما أَجهز، في الحين ذاته، على المبادرة الفرنسية الإنقاذية للبنان، والتي كانت غايتها وضع هذا البلد على خارطة الإنقاذ والمصالحة مع العالمين الغربي والعربي اللذين يشكّلان الرافدين الأساسيين لتدفّق العملة الصعبة إليه.

وقد تمّت تصفية هذا الحساب الدفين مع السنيّة السياسية في ظلّ أزمة مستفحلة في البلاد تصيب كلّ قطاعاتها الحيوية والمنتجة والإستهلاكية والخدماتية، وتقذف بخيرة ناسها وبنخبها البشرية خارج أرض الوطن.

فبقيت تلك الأزمة بكلّ جوانبها بمنأى عن أية معالجة أو حتى عن أي تصدٍّ فعلي لوقف تفاقمها.

وها هو العهد وحليفه الاستراتيجي، اللذان أطاحا بحكومة الرئيس المكلّف سعد الحريري، ينقلان البلاد الى مرحلة ربما مديدة من الإنتظار وشدّ الحبال والمواجهة السياسية، حتى تتألّف حكومة جديدة تتبنّى من جديد المبادرة الفرنسية، في أحسن حال، أو تكون مُتبعة للحلفين الاستراتيجيين على شاكلة حكومة الرئيس حسان دياب.

وإذا كان الحليفان يرتضيان تأليف تلك الحكومة الجديدة على نهج المبادرة الفرنسية، فلماذا يكونان إذاً أسقطا تأليف حكومة الرئيس المكلّف سعد الحريري ؟

وإذا كانا يسعيان الى تأليف تلك الحكومة على شاكلة حكومة الرئيس حسان دياب، فلماذا لا يعمدان الى تعويمها؟ سيما وأن القواعد الدستورية العامة تجيز، ضمن آلية محدّدة، تعويم الحكومات المستقيلة في الظروف الطارئة أو الإستثنائية.

أما إذا كانا يسعيان الى تأليف حكومة إنتقالية يكون الغرض منها إتمام الإنتخابات النيابية المقبلة.

فهذا يعني أنهما يتعمّدان ترك الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون تستفحل وتتفاقم حتى يسقط الهيكل اللبناني على رأس ناسه.

ويعتبران بالتالي أنه بهذا السقوط المدوّي لكلّ مرتكزات الكيان، يمكن إعادة تركيب البنيان بنظام سياسي جديد للبنان، يكونان محوره المقرّر، ويؤمّن لهما ديمومة الحكم والتحكّم بمصير البلاد ومستقبلها، من خلال ربطها بالمشروع الممانع في المنطقة.

بحيث إن هذه المعادلة تطرح التساؤل التالي: هل لبنان يحتمل هذه التركيبة الثنائية الجديدة أم ستكون مصدراً لتصدّعه وإنفراط عقده الوطني وحتى كيانه في وحدته؟

علماً أن التوازنات التي أرساها دستور الطائف هي آخر صيغة من التوازنات الممكنة في النظام المركزي اللبناني.

فإن أُسقطت أو مُسَّت بشكلٍ جوهري، كما هو حاصل اليوم، سيسقط لبنان الكيان، لا محال، في وحدة أرضه وشعبه.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها