play icon pause icon
على مسؤوليتي

منى فياض

الثلاثاء ٤ تموز ٢٠٢٣ - 19:38

المصدر: صوت لبنان

قضايا الانتحار والمخدرات وحوادث السّير إلى الواجهة مجددًا

أثيرت في الأسبوعين الأخيرين قضايا الانتحار والمخدرات وحوادث السير مجدداً.
غرّد مدير مركز الدولية للمعلومات على “تويتر: “ارتفعت نسبة الانتحار منذ بداية العام الحالي وحتى 9 حزيران نحو 65 %”. مقارنة بالفترة ذاتها في العام 2022.
وأضاف: “وصلت إلى 66 حالة في 2023 أو أكثر من 3 حالات أسبوعيًا”.
هذا مع العلم انه من الصعب توثيق الانتحار بدقة. فالمنتحر قد لا يسجل أنه انتحر، فمن يكتشف الانتحار قد يغطيه والذي يكتب التقرير قد لا يذكر انه سبب الموت. وعدا عن الوازع الديني، يجب ألا ننسى أن المنتحر لا تعترف به شركات التأمين.
وكان العدد وصل قبل عامين الى اكثر من 200 حالة.
اما المخدرات، وفي ظل غياب الإحصاءات الدقيقة، تشير التقارير انها تجاوزت الضعفين في السنتين الأخيرتين، وصارت تباع في المدارس وبواسطة الدليفيري.
وهاتان الظاهرتان لم تكونا شائعتين هكذا قبل عقد من الزمن.
كذلك الأمر مع حوادث السير، فبحسب الارقام الرسمية سقط في يوم 23 حزيران وحده قتيلين و11 جريحاً في 7 حوادث خلال الـ 24 ساعة.
كل ذلك مؤشر مهم على مستوى التردي لأحوال الصحة الذهنية للبنانيين؛ ومفهوم الصحة الذهنية، يشمل مجمل جوانب الحياة، سواء النفسية والفيزيولوجية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية كما البيئية.
المواطن متروك لقدره ويعيش كأنه في مجتمع بدائي، وفي هذا التشبيه ظلم للمجتمع البدائي لأنه منظم ولديه سلطة. اننا في غابة محكومة من كواسر منفلتون علينا مع وازلامهم، دون وازع. فوقع المواطن تحت رحمة جميع أنواع المخاطر.
خصص دوركهايم، أبو علم الاجتماع، كتاباً عن الانتحار، أكد فيه انه “واقعة اجتماعية” تتغير بتغير الظروف الاجتماعية المحيطة؛ ولا تتعلق بالحالات الفردية فقط.
ان انهيار المجتمع والتفكك الاخلاقي وغياب المؤسسات الناظمة وتردي الأوضاع المعيشية، تترافق بتيارات من الكآبة واليأس والخيبة ما يؤدي بالفرد ذو الوضعية الهشة للانتحار. فالإنسان مهما كان فرديا لديه دائماً ما هو جماعي. وإذا أشرنا الى دور الفقر والبطالة والبؤس في الانتحار فذلك لا يعني انها السبب بحد ذاتها، بل ما ينتج عنها من اختلال وأزمات واضطرابات في النظام المجتمعي فيتسبب بتدهور الأوضاع على ما هي عليه في لبنان.

هذا الاضطراب يعطل دور المجموعات الاجتماعية كحاضنة تضبط الأفراد. فيتفلت هؤلاء من الضوابط والقواعد، لأنها كسرت جميعها؛ ما يتسبب بالانفصال عن البنى التقليدية: الأسرة والجيرة والدين والأطر الاجتماعية في ظل المؤسسات المفككة، يُترك حينها الفرد فريسة للإحساس بانعدام الجذور والأمن وغياب المعايير، فيخضع لليأس ويتبني أنواع السلوك غير المتكيف وغير السوي، أو المريض.
نحتاج الى استعادة الدولة لاسترجاع حياتنا الطبيعية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها