قليل من الجنون وكثير من الحكمة

‏طلب بشير وضع ورقة سياسية تحاكي التنسيق بين الشرعية والمقاومة، وكان شارل مالك أحد أبرز واضعيها وأبرز ما فيها أن المقاومة المسيحية ارتفعت بأزمة لبنان الى مستوى قضية. واستطاعت أن تخلق جيلاً يحمل بندقية من أجل قضية. لقد أصبحت القضية اللبنانية مرتبطة بشكل وجودي بالمقاومة المسيحية. لكن المقاومة المسيحية لا تستطيع أن تحمي كل لبنان. المقاومة المسيحية ضرورية لبقاء لبنان المسيحي، لكن غير كافية لتحرير لبنان بأكمله. فاذا بقيت المقاومة المسيحية وحدها، فهي سائرة نحو إقامة وطن مسيحي يخدم رغماً عنه مشاريع التقسيم والتوطين. أما اذا صارت المقاومة المسيحية مقاومة لبنانية، فبمقدورها أن تحرر كل لبنان وتعيد اليه سيادته ووحدته. فالمطلوب قرار تاريخي تتخذه الشرعية الدستورية بأن تتبنى المقاومة المسيحية وتحولها الى مقاومة لبنانية.
عرض بشير الورقة السياسية على سركيس الذي وافق مبدئياً على فلسفتها وتحفظ على بعدها العملي وقال لبشير: باختصار أنت تعرض علي اختيار أحد أمرين: اما أن تقوم بانقلاب عسكري بموافقتي أو أن أقوم بانقلاب سياسي بدعمك. عرضك معقد وغير قابل للتنفيذ. فردّ بشير: قليل من الحكمة من جانبكم، وقليل من الجنون من جانبنا بيمشي الحال. فصحح جوني عبده، لا يا شيخ بشير المطلوب قليل من الجنون عندنا وقليل من الحكمة عندكم.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها