الأديب جورج مغامس

الجمعة ١١ حزيران ٢٠٢١ - 12:38

المصدر: صوت لبنان

كلبُ السّاعةِ وكلابُ سائرِ السّاعاتِ

باكرًا

باكرًا جدًّا

قبلَ أن تعتليَ الشّمسُ قِمّةً

وتنحدرَ فوقَ سَفحٍ

بعضُهُ الضّبابُ

قبلَ أن يصيحَ ديكُ الأرامل

ويطِنَّ ناقوسٌ بديرِ الرّاهباتِ

قبلَ أن تسرّحَ الجلولَ المَعاول

وتعقِدَ المواعيدَ على السّلال

قبلَ كلِّ يقَظَة،

يَنبري النّبّاحُ يَنبح

ويواظب

حتّى يستنبحَ كلَّ الكلابِ

لكأنّه عظيمُ أحبارٍ

وبين يدَيهِ جوقُ اليمينِ وجوقُ اليسارِ

يتنابحونَ يتنابحونَ

ويمدُّ في شأوِ صوتِهم ترجيعُ الوِهادِ

فثَمّةَ ما يَقُضُّ المضاجع

ويقلّبُ حيًّا على المضَضِ!

هي هَوْشَةٌ

أينَ منها هَوْشَةُ فُسّاقٍ

خرجوا على الحقِّ

خرجوا على الصّوابِ

أباحوا استباحوا

طيّحوا أطاحوا

قوّضوا ما بُنيَ وما يُبنى عليهِ

فالبلادُ الّتي

شقّت للحضارةِ بحرًا

وأقامت في كلِّ أرضٍ منارة

شقيّةٌ شقيّةٌ

وقيامةٌ فيها تقومُ!

الكلبُ ذا

نبّاحُ البيتِ المُنيفِ

حرّمَ عليَّ فتحَ نافذتي للرَّوضِ

للفَوّاحِ فيهِ

للغَرِدِ

للفجرِ البليلِ

للّذي يمتّعُ فَتْرةَ العينِ بالحلُمِ الجميلِ!

ذبّاحُ الصّباحِ

طاردُ نجمةِ الرّعيانِ

هل من سليمانٍ يُخبرُهُ

يُفهِمُهُ

كم يعانيني

حينَ يُقحِمُ هَرْجَهُ في سريري

 يَفُضُّ شرنقةَ السّكونِ

وخَلْوةً آمنة

يُسْلِمُني للسّارقِ المارقِ

للمُهاترِ اللعّانِ

يَنتَضي المنبرَ

وإنْ من خشبِ التّوابيتِ

يقصِفُ بروحي بقايا من الرَّمَقِ؟!

الكلبُ الكلبُ

هذا الكلبُ

رُدَّهُ ربِّ رُدَّه عنّي

ردَّ ساعتَهُ المُنكرة

فحسْبي أَنَّ زماني

تَنهَشُ سياساتِه “الكلابُ”!

عفوَكَ ربِّ إنْ ضقتَ بشكوايَ

ولكن

ما حيلةُ مَن ضاقت به دنياهُ

ولم يَعدْ له فيها

إلّا متعٌ ضئيلة

كساعةِ نومٍ حالمٍ في الصّباحِ

باتَ يسرِقُها كلبُ البيتِ المُنيفِ!

ما حيلتي ربِّ

وأنتَ الأعلمُ

كم من “كلبٍ” سرقَ سائرَ السّاعاتِ!!

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها