عباس الحلبي

الأثنين ١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 12:36

المصدر: صوت لبنان

كم يحتاج المسؤولون إلى التماثل مع سيرة الكبار

في عزِّ الحاجةِ للحكمةِ والعقلِ، للوحدةِ والتضامن، ودّعَ الموحدون الدروز والجبل علماً من أعلامهم الشيخ الطاهر التقي الديَّان المرجع ابو سليمان حسيب أسعد الصايغ. 

عاشَ الشيخُ حياةً مديدة قارَبَت المئة عام أنعمَ الله عليه بها، وامتازَ بصفاتٍ خلقية فاضلة، وسلوكٍ ورع ،وحياة متقشفة يكتفي باليسير ولا يبغى غير راحة الضمير، ومرضاة رب العالمين. 

كان صاحبُ الرأي السديد بالحكمةِ والموقف العنيد بالحق. جعلَ مِن دارِه محجةً، ومن مجلسِهِ محراباً للصلاة والتعبّد وكنهِ الاسرارِ الربانية، ومعرفةِ الخفايا الروحانية، وتعلّم المفاهيم العرفانية .

رحمه الله. 

أعلامٌ تمضي ولا تعوّض في بلدٍ فقَدَ مسؤولوه الحكمة وحسن التدبير فأوقعوا اللبنانيين في هموم يصعب تبديدها ومعاناة يستحيل تخفيفها بِما يثبّت الإنفصام بين طموح السياسيين وهموم الناس. فلم يعد يهم اللبنانيين متى تُشكَّل الحكومة ومَن هم وزراؤها وإلى أية جهة ينتمون ومن هي الجهة التي تعينهم. 

هَمُّ اللبنانيين في مكان أخر. هَمُّ رب العائلة أن لا يقف هو وإبنه أمام محطة المحروقات يسعى لِكَم ليتر بنزين أو مازوت والأخر أمام الفرن يسعى للحصول على ربطة خبز والثالث يجوب المدينة ومن صيدلية إلى أخرى بحثاً عن دواء مفقود بفعل النفاذ او الاحتكار.

هَم اللبنانيين تأمين أقساط المدارس وشراء اللوازم المدرسية. همّه أن يحصل على الخدمة الطبية والإستشفائية وأن يستطيع أن يدفع فروقات الإستشفاء والطبابة. همّه أن يؤمن بعض العملة الصعبة لتغطية نفقات إبنه الطالب في الخارج لإستكمال إختصاصه والعيش بالحدود الدنيا. 

همه ألا يبقى اللبنانيون يعملون من أكبرهم إلى أصغرهم بالصيرفة. فإذا أتاك صاحب مهنة لإصلاح عطل في منزلك يحاسبك على دولار السوق الموازية. وإذا أراد الإنفاق حاسبه المصرف على سعر المنصة. وإذا أراد تسوية دينه فعلى السعر الرسمي وإذا أراد الإيفاء على سعر الشيكات بالليرة أو الدولار وفق معدلات تختلف من يوم إلى آخر.

المهم ان نرى حكومة تعالج هذه القضايا ولمعالجاتها أن تنجح بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. 

مِن هنا فإنَّ النجاح بتشكيل فريق حكومي منسجم من أصحاب الإختصاص والخبرة والنزاهة والإستقلالية يعطي أملاً جديداً للبلد وهي فرصة له لإلتقاط الأنفاس وبدء بناء الثقة لوقف النزيف: نزيف هجرة الكفاءات إلى الخارج ونزيف الإمكانيات للمقيمين وجعل البلد مجدداً مكاناً للعيش الكريم لا للتعاسة والفقر والحرمان والمرض.

حكومة تتصدى لأثار الجائحة لِوقفِ الإنتشار مهما كلَّف ذلك لأننا بتنا في بئرٍ عميق الهوّة قد لا نستطيع الخروج منه إن لَم تستعجل خطوات الانقاذ على غير صعيد.

كم يحتاج المسؤولون إلى التماثل مع سيرة الكبار مثل الذي نودع لصلاح البلد. 

الله يهديهم.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها