جورج سولاج

الأربعاء ٢ تشرين الأول ٢٠١٩ - 09:06

المصدر: صوت لبنان

كيف نوقف النزف؟

ما حصل الاحد الماضي في بعض الشوارع والمناطق هو أول الغيث، فالمتألمون من سوء اداء السلطة السياسية لم يتظاهروا بعد، والزعران المندسون في التظاهرات لم يَفلتوا أو يُفلتوا في الشوارع بعد.

وازمة الدولار ليست هي الازمة الفعلية، وقرارات حاكم مصرف رياض سلامة في توفير العملة الصعبة لاستيراد البنزين والدواء والرغيف ليس هي الحل، وليست أكثر من حبة مهدئ قصيرة المفعول.

ان البلد على طريق الهاوية، غير أنه لم يفت الاوان على انقاذه، شرط أن تبدأ المعالجة فوراً.

في المسؤولية، كل القوى السياسية المتحاصصة في السلطة مسؤولة، ولن ينفع أحداً منها التنصل من المسؤولية ورمي الاتهام على الاخرين. ومن منكم بلا خطيئة وليس شريكاً في قيادة البلد نحو الهاوية، ليخرج من السلطة حالاً، والاّ فليتحمل المسؤولية.

وروبوتات الاحزاب ايضاً مسؤولة لأنها جاهزة لتغطية زعمائها وتبرير براءتهم، وصب غضبها على الزعماء الاخرين، بلا وعي ولا تدقيق ولا تفكير.

في أصل المشكلة، كل اللبنانيين يدركون ان هناك فساداً وتهرباً ضريبياً وجمركياً، وسمسرات، ومحميات واحتكارات على حساب الدولة والشعب، ولا يختلف اي من اللبنانيين على معاناتهم من سوء الادارة والرشوة وهدر المال العام وفوضى التوظيف، وضرب السياحة وتهريب الاستثمارات لألف سبب وسبب، غالبها سياسي وحزبي.

في الفرصة المتاحة، ليس مطلوباً من قادة البلاد تصريحات وتطمينات، وانما أفعال وقرارات. لن تنفع سياسة نكران الازمة وخطورتها، ولن تنفع المشاورات وتبادل التصورات الاقتصادية والمالية. ولن يفيد رهان على تدخل خارجي لمنع سقوط لبنان في اللحظة الاخيرة. وكل كلام عن تهريب الدولار الى سوريا وايران، وان لبنان يدفع أثمان العقوبات الاميركية على طهران وحزب الله هو كلام في كلام.

أخطر ما يعانيه لبنان اليوم هو نزيف مالي يحتاج الى وقفه فوراً قبل التفكير في  أي علاج آخر.

لدينا نزيف في الموازنة، وقد بلغ العجز في موازنة 2019، 6 مليار و800 مليون دولار، ورواتب موظفي القطاع العام 9600 مليار ليرة، وبالتالي مطلوب معجزة في موازنة 2020، حسب تعبير رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير.

كيف نوقف النزف ؟ لا بد للسلطة أن تحزم أمرها وتخرج من الدائرة الرمادية وتتخذ قرارات لوقف النزيف اليوم لكي لا تضطر غداً الى  اتخاذ قرارات اجبارية شاءت أم أبت.

يمكن للسلطة أن تبدأ بالكهرباء، فالتخلص من عبء هذا القطاع ومنحه الى أي شركة كهرباء عالمية سريعاً وبلا أي مقابل، يقطع ملياري دولار من نزيف الخزانة اللبنانية فوراً، ويعيد خلط الاوراق الاقتصادية لمزيد من القرارات شيئاً فشيئاً.

لم يفت الأوان بعد، على رغم مرور اكثر من سنة وستة اشهر على عدم تطبيق مقررات مؤتمر سيدر. ابدأوا فوراً بتنفيذ مقررات بعبدا وحال الطوارئ الاقتصادية.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها