جورج يزبك

الثلاثاء ٢٦ أيار ٢٠٢٠ - 08:41

المصدر: صوت لبنان

لا تسلموا الدولة لجائعين

لماذا تتخلى الدولة طوعاً عن القطاعات المنتجة، المربحة، وتتمسك بالقطاعات الهالكة، المكسورة. قطاع الاتصالات دجاجة تبيض ألماساً، فتخلت عنه.
قطاع النفايات، وهل أسهل من الكنس والجمع، هي مصلحة من دون رأسمال، كما رسمال حلاق زمان مشذ ومقص، رسمال سوكلين كان مكنسة ومجرود، النفايات دجاجة تبيض ذهباً، فتخلت الدولة عنها.
قطاع التدريس تجارة رابحة تبيض فضة، فتخلت الدولة عنه واكتفت بإصدار تراخيص للجامعات والمدارس الخاصة التي جنت جني العمر.
أما قطاع الكهرباء، فتمسكت الدولة به تمسك الطفل بقميص جديد في عيد الشعانين أو في عيد الفطر. لا أحسنت ادارته ولا اختارت تأجيره.
حتى أصحاب المولدات جنوا الأرباح في وقت تخسر الدولة ملياري دولار سنوياً لدعم التيار المقطوع.
هناك عطب فطري أصلي في الدولة،
Inné
Built in
هناك مشكلة عضوية في الدولة والقائمين عليها، Défaut de fabrication
Defect Manufacturing
منذ نشأتها، عطل جيني، وراثي، من نوع الأمراض السارية يتفشى باللمس والعطس والرذاذ، ينتقل بسهولة بين السياسيين، كل بدوره، كل بدلوه، كل حسب قيمته السياسية.
هو تجسيد لمجرمين بربطات عنق
Criminels en col blanc
White-collar criminals
هو كوفيد ١٩ موجود قبل تفشي وباء كورونا وباق بعد الخلاص منه، لكنّه بخلاف كورونا، لا يعرف الحجر، يرفض الاقفال. هو في ذات الوقت طاعون وكوليرا وانفلونزا اسبانية وانفلونزا الخنازير وايبولا وسارس. هو جائحة سياسية، علمانية، اكليروسية، مشيخية، مؤمنة برصيدها، ملحدة بالقيم، مدنية بالقبض، لا ينجو من فيروسها سوى الآدمي بطبيعته. فإما أن تولد من بطن أمك كريماً أو لا تكون. في الخلاصة، لا لزوم لقوانين جديدة، لا لزوم لتحقيقات، فكل من امتلك مالاً مشبوهاً هو في دائرة الشك، ولا تنفع الدفاعات، ولا المحاضرات عن العفة، ولا الصلوات والمسابح، ولا التكبير لردّ الشبهات والتكفير عن الذنوب. الشعب يعرفكم فرداً فرداً. إنها الدنيا والآخرة. الناخبون يريدون من نفوذكم السياسي تأمين دنياهم. والمؤمنون يريدون من رمز ثوبكم تأمين آخرتهم.
صدق الفرنسيون:
L’habit ne fait pas le moine.
فليس كل من ارتدى ثوباً صار ناسكاً.
وصدق سقراط:
Un homme qui a faim n’examine pas la sauce.
فلا تسلموا الدولة لأناس جوعانين.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها