عباس الحلبي

الأثنين ١١ أيار ٢٠٢٠ - 13:39

المصدر: صوت لبنان

لا عجب في إنتهاك معنى لبنان

مشهدُ القصر الجمهوري منذ أيام لم يكن على قدر مقام الرئاسة: قيادات تحضر والأكثرية تغيب. فرئيس الجمهورية بحسب إتفاق الطائف المكرَّس في الدستور هو رمز وحدة البلاد، الساهر على الدستور، الحالف اليمين لحفظه وصيانته المتقدم بين الرؤساء. فإذا بالمشهد يشهد انَّ أيا” من هذه الشروط لم يكن متوفرا” نتيجة ممارسات السنوات الأربع في الحكم.

ففخامة الرئيس الذي إنتُخِبَ بشبه إجماع وطنيّ مِن قِبَلِ القوى السياسية لَم يحافظ على هذا الإجماع لأنَّ البعض يعتبر أنه لَم ينجح في أن يكون رئيسا” لجميع اللبنانيين بَل لِفئة منهم كما أنه لَم يستطع أن يجعل من التيار الذي أسسه عنصر وحدة وتجميع بدل أن يكون كما يبدو من المشهد السياسي عنصر فتنة وتقسيم. 

كما يعيب قسم من اللبنانيين على الرئيس الذي أقسَمَ يمين الولاء للدستور والمحافظة عليه سعيه إلى إستعادةِ السلطة الإجرائية بِخلاف أحكام الدستور التي أناطَت هذه السلطة لمجلس الوزراء مجتمعا” خصوصا” مع رئيسٍ مجلس الوزراء الحالي الذي جاءَ مِن خارج أي حيثية سياسية أو تمثيلية إلا من دعم  قطبين يوهماه بأن وجوده حاجة ملحة هذه الأيام شرط التقيّد بسياستهما وإهمال الآخرين وهو أمين على ذلك. 

يضاف إلى ذلك غياب المجتمع المدني وإنتفاضة 17 تشرين عن الدعوة وكأن الطبقة السياسية تريد محو أثار الإنتفاضة وتذكير اللبنانيين أن قدرهم ومصيرهم تقرره هذه الطبقة دون سواها. 

إن خطة التعافي كما يبدو لَم تؤمّن الإجماع الوطني المطلوب ولا يمكن لها أن تنجح إذا بقيت قوى أساسية غير موافقة عليها، كما لا يمكن أن تجد تجاوبا” دوليا” لا من المؤسسات الدولية ولا من الدول إذا لم يتوفَّر لها الإجماع الوطني الذي عِوَضَ أن يسعى إليه رئيس الحكومة نراه في كل مناسبة يهاجم فريقا” من اللبنانيين. 

ومن أين لِخطة التعافي أن تنجح والحكومة تسعى إلى السطو على أموال اللبنانيين وتدمير مصرف لبنان والقطاع المصرفي ومحاولة إحلال مؤسسات مصرفية جديدة غير معروفة الأهداف ومصادر الأموال محل قطاع عمره اكثر من مئة سنة .

وسندا” لأيّ حق تسعى الدولة إلى إعادةِ هيكلة القطاع المصرفي الذي يعود له ذلك له وحده وهي أي الدولة لَم تعرف كيف تدير مرافقها وتمنع الهدر والفساد وأضاعَت الثروة الوطنية بالسرقة.

إن المحافظة على القطاع المصرفي ترقى إلى المحافظة على الدستور كما يقول أحد كبارنا في القانون الدستوري لأن هذا القطاع الذي أسس لإزدهار لبنان طيلة حقبة طويلة من الزمن وكان وراء إطلاق تسمية “سويسرا الشرق” عليه تجب المحافظة عليه اسوة بالحفاظ على الدستور. فأي مبرر لوجود لبنان إذا حُرِمَ من دوره أن يكون مصرف الشرق وجامعة الشرق ومستشفى الشرق ومساحة الحرية الوحيدة فيه.

أما إذا كان الدستور منتهكا” فلا عجب في إنتهاك معنى لبنان. 

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها