play icon pause icon
جورج يزبك

جورج يزبك

الثلاثاء ٦ نيسان ٢٠٢١ - 09:46

المصدر: صوت لبنان

لبنان من منظِّر الى منتظِر

لا أريد أن أصدّق أن لبنان انتقل من مستشفى الشرق الى مريض الشرق، ومن مدرسة الشرق وجامعته الى تلميذ راسب ومقاصص وراكع في الزاوية ومطرود.
لا أريد أن أصدّق أن لبنان انتقل من مفكّر الشرق الى مفكرّة دوّن فيها ذكرياته في الماضي الجميل. ومن منظّر الشرق الى منتظِر حلاً حتى من الشرق.
لا أريد أن أصدّق أن لبنان الضيافة والسياحة والخدمات صار لبنان “ناولني” و “عطريقك” وسائر الأكشاك المزروعة على جانبي الأوتوستراد والطرقات الجبلية.
لا أريد أن أصدّق أن لبنان الكنيسة والجامع والسماء صار لبنان الجحيم ولبنان جهنم.
لا أريد أن أصدّق أن لبنان الديمقراطية صار لبنان الاوليغارشية، ولبنان النظام صار لبنان المنظومة، ولبنان الحرية صار لبنان الصمت على طريقة إخرس وطهّر نيعك وإلا، ولبنان الملاذ يلجأ اليه المضطهدون في دول الجوار صار لعنة وطن يفتش أبناؤه عن سبل الرحيل والهرب من الربوع التي تحولت الى سكب دموع وإضاءة شموع في وطن مفجوع بحكمه وحكامه.
لا أريد أن أصدّق أن لبنان تداوُل السلطة صار لبنان تداوُل المناصب والكراسي والمنافع، وصار تغيير بعض الوجوه تفرضه فقط وفاة المورّث أو “كِبِرْ” الصبي أو جاء دور الصهر، أو يفرضه سحب ثقة زعيم الكتلة من أحد معاونيه لنيله رقماً أعلى منه في الانتخابات أو فقط لأنه لم يعد راضياً عنه أو لأن الست لا تستهضمه، فيستبدله دون مشورة ولا سابق إنذار.
هذا لبنان الجديد المطلوب نفضه بل نقضه من جديد، وثورة ١٧ تشرين الناشئة اكتشفت الفاجعة: لبنان ليس للبنانيين بل يملكه متزعمون في طوائفهم، لازقون على كراسيهم، بائعو خدمات لزبائنهم في الوطن، فاسدون في كل الأحوال.
هؤلاء مهما تبدلوا، لا تصدّقوا أنهم تغييريون، هم فقط متغيرون يعني هم حربائيون متلونون متمرسون ومتمترسون.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها