أنطوان صفير

السبت ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٠ - 10:16

المصدر: صوت لبنان

لبنان والرحلة الطويلة

تتسارع الأحداث وتتراجع الأوضاعُ الإقتصادية، 

وننتظر بمللٍ كلي قصّة إبريق الزيت مع تشكيل الحكومة، 

والمسألةُ لا تحتاج الى سؤال أو تساؤل..

فبديهيٌ القول : كيف يمكن لمن يتولوا الأحكام عندنا وعلينا وبيننا أن يأخذوا كل الوقت، 

بينما لم نعد نمتلك لا ترف الوقت ولا ترف المصروف، 

ولا ترف إتخاذ قرارات غير صائبة ولا ترف التسليف أو تأجيل ،

أو الأخذ والرّد والإتفاق والإختلاف حول أجناس الملائكة.

يبدو أنّ رحلتنا طويلة بإتجاه حلٍّ ما لم تبدأ معالمه بالبزوغ، 

ولم يبدأ أهل القرارعندنا ، إذا ما كان لديهم بعض هامشٍ من قرار، 

أن يأخذوا البلاد والعباد الى ومضة أملٍ. 

بعدما أتى إنفجار مرفأ بيروت، 

ليتوج الأمال المتكسرة في بحور الخطابات التائهة الفارغة، 

والوعود التي لم تؤد إلاّ الى إفلاس البلاد والعباد، 

والإستلاء على المال العام والخاص.

منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وحتى تاريخه، 

لم يأت يومٌ أفضل من الذي سبقه….

كلامٌ فارغ يسابق كلاماً فارغاً ،

وأفعالًا أدّت بالبلاد الى إفراغ الخزينة، 

والإستيلاء على الأموال العامة والخاصة ،

والوصول بالقطاع المصرفيّ المزدهر الى ما وصل اليه. 

والمسؤولية ضائعة…. ولا من يريد أن يتحمل مسؤوليةً!

لا في القطاع العام ولا في القطاع الخاص.

والعدالة تترنح.. 

والعدالة الإجتماعية تبكي على أبناءِ لبنان الذين لم يشحذوا يوماً في عاصمةٍ، 

فأصبحنا اليوم على قارعة الإنتظار. 

إنتظار قرارٍ ما ، ودعمٍ ما ، وسلفةٍ ما ، 

إنها مهزلةٌ ما بعد مهزلةٍ ، 

أن يصبح لبنان وأهل لبنان بكراماتهم وحرياتهم وقلبهم الأبيض، 

أن يصل بهم بعض من إستزعموهم عليهم ،

وإقترعوا لهم دون أن ينتخبوهم، 

أن يصلوا الى ما وصلوا اليه اليوم. 

ولولا الكورونا وهي الجائحة الجاحدة لذهب الآف والآف نحو بلاد بعيدة، 

تاركين موطن الأرز الى بعض الغرباء ،أو بعض الذين لا يستحقون لبنان. 

لا نريدها رحلةٌ طويلة…. 

نريدها رحلةُ الأمل الذي من أجله إستشهد من إستشهد من أبناء لبنان، 

والذي من أجله شَهَدَ من شَهِدَ علماً وعملاً وجهاداً ومثابرة،

فكانت الجامعات والمدارس والمستشفيات والأديرة ودور العبادة ودور العلم والعمل، 

كانت منارةً في المشرق…. ماذا بها فعلتم؟ 

أتكفي كلماتكم التي لا طائل منها لتداوي الجروح؟ 

أتكفي الثروات المكدّسة في الداخل وفي الخارج، 

بطريقة غير شرعية من المال العام ، 

ومن جانب المال العام وبواسطة السلطة العامة.

حتى وصلتم الى الإستيلاء على أتعاب الناس في المصارف، 

والكلام الفارغ…. والذل مستمر.

في الضمان ، وفي تعاونية الموظفين حتى في شركات التأمين الخاصة. 

وصلنا الى الإفتقار في المواد الصحية والإستشفائية والتربوية، 

حتى بتنا نتسائل هل لم نزل نحن تحت سماء لبنان….؟

ذلك اللبنان الأخضر الذي إحترق مساحاتٌ منه، 

ومع هذه المساحات المحترقة ، 

إحترقت قلوبٌ من اليأس والقنوط من بيع الكلام طوال عقود.

نعم ، رحلتنا طويلة…. 

ولكن من قاوم لألفٍ وثلاثماية وخمسين عاماً ليقوم لبنان…. 

ستكون مقاومته سلميّة حضاريةً مؤمنة… 

فأبناء الجنوب والشمال والبقاع وبيروت والجبل هم هم، 

مهما مرّت الأيام ،

سيبقون مؤمنين أنّ لبنان الغد سيكون أفضل من لبنان الأمس، 

مهما غالى المغالون وإستكبر المستكبرون.

 

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها