عمر عليمات

الأربعاء ١ تموز ٢٠٢٠ - 13:48

المصدر: الرؤية

لبنان.. ولعنة اللون الأحمر

خطوط بلون الدم ورائحة الفقر تلتفُ حول عنق لبنان لتخنق شعبه جوعاً وعوزاً، بدون أن تهتز ضمائر أصحاب الخطوط الحمراء، فسلاحهم خط أحمر، وكيف لأحد أن يمسه وهو عنوان المقاومة، وارتباطهم بالخارج أكثر احمراراً، فمَن يجرؤ على المساس بمحور الممانعة ضد الشيطان الأكبر، والولاء للمرجعيات خارج الحدود خط عريض قَانٍ، فكل الخطوط حمراء إلا خط الشعب ومعاناته فهو خط بأي لون آخر، للجميع حق الاقتراب منه والقفز عليه.

طوابير الخبز خط أخضر، فالشعوب التي تريد الحرية والمقاومة عليها أن تجوع وتدمن الطوابير وتتقاتل من أجل «ربطة خبز»، عليها أن تعرف معنى الحرمان وتتجرع مرارة العوز، وقهر الرجال عندما يبكي أبناؤهم بدون أن يتمكنوا من توفير الغذاء والدواء لهم.

مقايضة النساء ملابسهن مقابل حليب و«حفّاضات» لأطفالهن خط وردي ورمز للكرامة، فجحافل الجيوش الفاتحة تستحق الورود، فهي رمز للبطولة وتكريم للرجال الذين أخضعوا العدو ومرّغوا أنفه بالتراب، فإن لم يستحقوا الورد فمن يستحقه؟ يستباح لبنان بحجة المقاومة ويحاصر أبناؤه ويُبعدون عن أشقائهم وداعميهم الحقيقيين بحجة الممانعة، ويوضع البلد في الزاوية لإرضاء دولة واحدة ومعاداة العالم أجمع بحجة الكرامة، ويبقى المواطن اللبناني بدون أن يكترث أصحاب الخطوط الحمراء لمصيره ومستقبل أبنائه، وكأنه شعب كُتب عليه أن يقهر بأيدي فئة تدعي أنها منه.

هي لعنة الأحمر التي جعلت بقية الألوان نقمة على لبنان، هو وجع الأطفال وآهات النساء ودموع الرجال الباحثين عن لقمة عيش في وطن جيّره فصيل مُرتهن للخارج لنصرة قضايا خاسرة وبطولات جوفاء، فمن قال إن الفقر يصنع مقاومة وممانعة، ومَن قال إن الجوع سيد الكرامة وعرابها؟ فالجياع لا يصنعون نصراً، بل يبحثون عن رغيف خبز، فلو قيّض الله لنزار قباني العيش لوضع خطوطهم الحمراء إجابة لسؤاله:

يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ، مَنْ باعَ أسواركِ المشغولةَ بالياقوتْ؟

من صادَ خاتمكِ السّحريَّ، وقصَّ ضفائركِ الذهبيّهْ؟

من ذبحَ الفرحَ النائمَ في عينيكِ الخضرواينْ؟

من شطبَ وجهكِ بالسّكّين، وألقى ماءَ النارِ على شفتيكِ الرائعتينْ؟

من سمّمَ ماءَ البحرِ، ورشَّ الحقدَ على الشطآنِ الورديّهْ؟

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها