فرنسوا ضاهر

الأربعاء ٢٩ آذار ٢٠٢٣ - 21:35

المصدر: صوت لبنان

لقد دقت ساعة الحقيقة

لقد دقت ساعة الحقيقة :

١- ثابت أن لبنان بلد مهدوم،
٢- وإن الأيادي السود ما زالت ممتدّة لاستكمال هدمه، من خلال السياسات المالية والنقدية التي
تمّ إعتمادها من مصرف لبنان والمصارف بغطاء من المنظومة الحاكمة، منذ إندلاع ثورة ١٧ تشرين ٢٠١٩.
٣- كما وإنه تمّ هدمه بكل مقوماته وقطاعاته الحيوية والمنتجة على مراحل متعاقبة.
٤- وقد تدرّجت الأيادي الخارجية بتحفيز من الأيادي الداخلية على هدمه.
٥- وتداخلت المشاريع والصراعات الإقليمية على أراضيه، حتى كان لها أبعد الأثر على كيانه ومرتكزاته وهويته وتركيبته الديمغرافية (اللجوء الفلسطيني ١٩٤٨ ومرسوم التجنيس ١٩٩٤ والنزوح السوري ٢٠١١).
٦- وقد تمّ إبتداع قوانين انتخابية لتشويه وإمتصاص المناصفة الفعلية بين مسلميه ومسيحييه. وذلك بعد أن كان إرتضاها المسيحيون أنفسهم، لإنقاذ الميثاق الوطني اللبناني وصيغة العيش المشترك.
٧- وإن التنازلات والتسويات فيه المتعدّدة والمتعاقبة عبر الزمن، ومنذ نشأته سنة ١٩٢٠، لم ترسِ فيه لا إستقراراً ولا طمأنينة ولا إكتفاءً لأحد، حتى اليوم.
٨- وإنه ليس ما يمكن التنازل عنه بعد اليوم.
٩- وإنه ليس ما يمكن إجراء تسوية حوله بعد اليوم.
١٠- وإن معضلاته الجوهرية والأساسية ليس لها حلاًّ، لا قريباً ولا مرتقباً (لا سيما، دولة حزب الله ضمن الدولة الرسمية الضامنة لها).
١١- وإن أحداً لا يريد لشعبه وقومه حرباً داخلية او أهلية. وإن أحداً ليس بمقدوره أيضاً أن يتحمل مسؤوليتها ووزرها.
١٢- وإن الغاء الطائفية السياسية من نظامه السياسي القائم لن ينتج الاّ نظاماً طائفيّاً فئويّاً مقنّعاً في الباطن. بدليل ما هو حاصل في البلدان العربية المجاورة (لا سيما، سوريا والعراق).
١٣- وإن النظام العلماني المقترح له، كبديل عن النظام الحالي، هو مرفوض من مجمل مكوّنات المجتمع اللبناني والقوى الشعبية والروحيّة والسياسية، على حدّ سواء.
١٤- وإن اللبنانيين هم اليوم بصدد إعادة تكوين بلدهم ودولتهم بعدما أفرغت الخزينة العامة من مواردها وموجوداتها وجفّت إحتياطات مصرف لبنان بالعملة الصعبة وتبخّرت ودائع المودعين في المصارف وذابت أصولها وخسرت رساميلها وأموالها الخاصة.
١٥- وإن هؤلاء اللبنانيين قد تحوّلوا الى الاقتصاد النقدي، لأزمان قد تطول. لكونهم لم يعودوا بحاجة ملحّة وفورية الى القطاعين المصرفي والمالي.
١٦- وإن الاغتراب اللبناني لم يعد مدّخراً في بلده الام، بل معيلاً لأهله فحسب.
١٧- وإن بلدان الغرب والعرب قد تخلّوا عن لبنان وعن السياحة في ارجائه، كما عن إتمام أية إستثمارات فيه.
١٨- وإن العدالة فيه مثقوبة ومعيوبة ومنحازة ومتدنيّة، في مجملها. كونها أظهرت عجزها وعقمها أمام الملفات الكبرى وفي محاربة الفساد وفي كشف الاغتيالات السياسية والأمنية. وقد أفتت مؤخراً بإجماعها على تدمير حق الدائنية في لبنان فأثرت المدين السيء النية على حساب الدائن، ما ادّى الى الإسهام في إسقاط الاقتصاد الوطني عموماً وإيقاف التوظيفات المالية فيه.
١٩- حتى أن التسويات القسرية والتحالفات الذميّة والاتباعيّة (مار ميخائيل ٢٠٠٦ والدوحة ٢٠٠٨ والقمصان السود ٢٠١١ والتعطيل ٢٠١٤ والتسوية ٢٠١٦) لم تتمكّن كلّها من الإتيان بحلول ناجعة لأوضاع البلاد المتدهورة ومن ضبط مداخيل الدولة والحفاظ على موجوداتها ومدّخراتها وإحتياطاتها وحتى ثرواتها النفطية والغازية الطبيعية.

وهي أمور باتت تستلزم، من أجل إعادة بناء هذا الوطن، التوافق للتوّ، برعاية دولية، على نظامٍ سياسي جديد له، يكون ضامناً وحامياً، مانعاً للتصادم والتسلّط والهيمنة والإخضاع والإتباع. نظامٌ بنّاءٌ، يقوم على أرض صلبة، عنيت به “نظام اللامركزية الموسّعة” الذي كنت قد أكملت وضعه في شهر كانون الأول سنة ١٩٧٦، وقد تمّ تبنيه من القوى السياسية آنذاك (الجبهة اللبنانية) في خلوة سيدة البير التي إنعقدت ما بين ٢١ و٢٣ كانون الثاني سنة ١٩٧٧.

القاضي السابق
والمحامي فرانسوا ضاهر

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها