play icon pause icon
منى فياض

منى فياض

الأثنين ٢٢ كانون الثاني ٢٠٢٤ - 08:10

المصدر: صوت لبنان

لماذا من الأنسب ان تتقدم جنوب افريقيا بالشكوى لمحكمة العدل

تقدمت دولة جنوب افريقيا، التي عانت 350 عاماً من نظام الأبارتايد بدعوى الى محكمة العدل الدولية، المختصة بمحاكمة الدول، ضد إسرائيل، بتهمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني. وهي تذكرنا بمحكمة نورنبرغ لمحاكمة القادة النازيين بعد الحرب العالمية الثانية. الملفت كان الحماس الفائض لجمهور الممانعة لهذه المحاكمة وإعلان انتصار العدالة، بينما كانوا قد شيطنوا وعرقلوا قبل سنوات المحكمة الخاصة بالحريري، واعتبروها مجرد أداة صهيونية وأميركية.
وهذه القوى الممانعة تتهم الدول العربية بالتقصير وأنه كان عليها تقديم الشكوى. غافلين ان دول الممانعة متقاعسة بدورها بشكل مزدوج، لأنها لم ترفع الدعوى، وانها ترفع رايات محاربة إسرائيل وتحرير القدس.
على كل إن ادعاء مثل هذه الدول، جميعها، سيكون ضعيفاً لأن لها علاقة مباشرة بالقضية أو متضررة بشكل مباشر، او إنها ليست مثالاً يحتذى في الديموقراطية. بينما جنوب افريقيا تحركت بصفتها الإنسانية ومعاناتها، ثم انتصارها على نظام الابارتايد.
فلقد ارتبطت قضيتا تحرير جنوب افريقيا الخاضعة وقضية تحرير فلسطين، ومعاناتهما لسنوات طويلة. فإسرائيل كانت حليفة نظام جنوب افريقيا العنصري واشتركتا معاً في مشاريع نووية. وهذا ما يدفع جنوب أفريقيا لتكون السباقة في محاربة الأنظمة العنصرية كنظام إسرائيل؛ التي تسخر وتستهين بهيئات الأمم المتحدة وقراراتها، مع ان شهادة ميلادها صدرت عن هذه الجمعية بالذات عام 1947.
لكنها استخفت، وبدعم من الولايات المتحدة، بما قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ خريف 1975 في أن “الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”، تمامًا مثل النازية والفاشية والأبارتايد”. ولقد أُلغي هذا القرار مطلع التسعينيات بضغط أميركي.
أوجز النائب اندرو فاينستين، العضو سابق في البرلمان عن حزب المؤتمر الوطني في جنوب افريقيا، والذي خدم تحت قيادة نيلسون مانديللا؛ وهو يهودي ووالدته احدى الناجيات من الهولوكوست، معنى ورمزية قيام جنوب افريقيا بجر إسرائيل الى محكمة العدل الدولية، ذلك أنها تعرف تماماً ما هو الفصل العنصري.
لذا من المهم للغاية ان تكون هي من رفعت هذه القضية الى محكمة العدل الدولية واصفة ما يحصل في غزة بانه ابادة جماعية للشعب الفلسطيني. وقدمت دعوى قانونية موثّقة، في انها إبادة جماعية من حيث سلوك العملية الإسرائيلية في غزة والنية التي عبر عنها السياسيون الإسرائيليون بإخراج جميع الفلسطينيين من غزة، وان تعيد إسرائيل احتلالها.
الأمر الثاني هو ان ما فعلته جنوب افريقيا في نظام الفصل العنصري، انها قسمت السكان الافارقة السود الى ما يسمى بالبانتوستانات او الأراضي الصغيرة المنفصلة عن بعضها. نفس الطريقة التي قامت بها إسرائيل في إدخالها المستوطنات في الأراضي المحتلة في غزة والضفة الغربية والخليل ورام الله، للحؤول دون حل الدولتين.
والاهم أن كلتاهما، إسرائيل وجنوب افريقيا العنصرية استخدمتا القوة العسكرية الوحشية لقمع الشعبين الذين يعتبرانهما ادنى منهما.
والفرق الأهم، هو ان نظام جنوب افريقيا العنصري كان اقتصاده يعتمد على الأفارقة السود كقوة عاملة، بشكل كبير. بينما لا يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي على الفلسطينيين. ولهذا تقتل إسرائيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتريد تهجيرهم. ما يجعلها أكثر توحشاً ودموية من نظام الابارتايد في جنوب افريقيا.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها