play icon pause icon
عباس الحلبي

عباس الحلبي

الأثنين ١٤ حزيران ٢٠٢١ - 14:32

المصدر: صوت لبنان

ماذا لو نزلت الصفعة على وجوه من يستحقها…

الصفعة التي تلقاها الرئيس الفرنسي على وجهه من أحد المعترضين على سياسته تشير إلى المنحى العنفي الذي بدأ يجتاح الحياة السياسية في فرنسا منذ سنوات. ففي بلد ديمقراطي حيث الآليات الدستورية تعمل بإنتظام في تنظيم الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والمناطقية والمهنية والقطاعية في مواعيدها، جاءَت هذه الحادثة لتشير إلى أنَّ التعبير الديمقراطي بصناديق الإقتراع ليس كافياً لتحديد إتجاهات الرأي العام.

حلَّت الجائحة لِتعيد رسم التناقضات الإجتماعية في المشهد الفرنسي بالرغم من سعي السلطات إلى مد الإقتصاد بالوسائل التي تخوّله مواجهة أثار الأزمة الصحية وإنعكاسها على قدرات الإنتاج وفرص العمل.

ففي جو من القلق حول إستقرار الوضع الأمني تعيش مناطق كثيرة التوترات الناتجة عن فشل سياسات الإندماج للمجموعات الغريبة التي تداخَلَت في النسيج الوطني الفرنسي. كم من الغيتوات العرقية والطائفية والدينية تشكّل بذاتها بؤراً للتوتر الدائم بوجه السلطة خصوصاً الإعتداءات المتكررة على قوى الأمن ورد فعل عناصرها أحياناً العنفي الذي يشير إلى تباعد بل إلى طلاق بين قوى السلطة وجموع الناس المعترضين على قاعدة تعديل أنظمة التقاعد وضرب المكتسبات الإجتماعية التي عبّر عنها ذوو السترات الصفراء.

ينسحب طلاق السلطة مع الناس إلى الشأن اللبناني حيث الناس في همومهم اليومية والسلطة في غربة عنها. طوابير الحصول على أبسط مستلزمات العيش للحصول على بعض ليترات البنزين والمازوت والدواء والأكل في ظل سيادة العتمة وتعطل المرافق والخدمات والإستشفاء.

لم يصفع أحد من المسؤولين الكبار في لبنان بالرغم من معاناة الناس فهل لأن مسؤوليهم لا يجرأون على النزول إلى الأرض لمحاكاة الناس أم لأنهم يتحصنون بالطائفية والمذهبية خلف أسوارِ قصورهم.

حتى في إنفجارِ المرفأ المروع لَم يجرؤ أحد منهم على النزول لمواساة الناس المفجوعين بفقد عزيز غال أو إستطلاع أحوال من دمّر منزله وأصيب وهو في غرفة نومه يعتقد أنه في أمان.

هل لهذه الدرجة أصبح اللبناني مدجناً لا يأتي بردةِ فعل وقد سلبه حكامه كرامته وحقه وماله.  

كنت أتمنى لو أن هذه الصفعة نزلت على وجوه من يستحقها وهم كثر يحيطون أنفسهم بمتاريس الذل ويحتمون بقوة سلاحهم الأمضى سلاح التفرقة والإتجار بالدين.

لا يستحق الرئيس ماكرون الصفعة وقد أمَّن لبعض الساعين وراء الشهرة واختلط بهم. أما مَن يستحقها عن جدارة وإستحقاق فهم قابعون خائفون منزوون لأن الصفعة لا تكفيهم على ما أنزلوه بناسهم الذين أعطوهم العز والمجد والمال وهم أعطوا الناس الفشل والعجز والذل والهوان.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها