أحمد الأيوبي

الأحد ٢٨ آذار ٢٠٢١ - 13:01

المصدر: أساس ميديا

ماذا يريد الحزب من “سيناريو” البقاع الأميركي؟

ما قصّة البقاع؟ وهل يحضّر ح-ز-ب ا-ل-ل-ه لـ”غزو” على الطريقة اليمنية، يبدأ من البقاع ويمتدّ إلى بيروت؟ أم أنّها قنابل دخانية قرّر تكليف بعض أصواته الإعلامية لتعميمها على شكل “معلومات” خلال الأسبوع الفائت، لحرف الأنظار عن خطّة أخرى يتمّ تحضيرها في مكان وزمان آخرين؟

الشيخ صادق النابلسي، لمن لا يعرفه، هو أستاذ جامعي، وفي الوقت نفسه شقيق المسؤول الإعلامي في ح-ز-ب ا-ل-ل-ه، الحاج محمد عفيف. وهو كرّر في مقابلتيْن، الأولى على شاشة قناة “otv” بتاريخ 17 آذار الجاري، والثانية على شاشة قناة “الجديد” بتاريخ 20 منه، أنّ أمراً ما يجري تركيبه بين القيادة العسكريّة الأميركيّة وبين قيادة الجيش، مستدلّاً بزيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركيّ والسفيرة الأميركيّة في لبنان لبلدة غزّة البقاعية، على متن طائرات مروحيّة. والكلام نفسه قاله الزميل حسن علّيق، سكرتير تحرير جريدة “الأخبار”، على قناة “المنار”، ليل الخميس 16 آذار.

روّج النابلسي أنّ الهدف من الحركة الأميركيّة استخدام قرى دير العشائر، ينطا وحقالي وبوخضر، المشرفة على مناطق واسعة داخل سوريا، لإنشاء مهابط للطائرات العمودية فيها، بهدف “إقفال الحدود في وجه المقاومة، بالتوازي مع قبول الرئيس سعد الحريري بنشر قوات مصريّة في البقاع”.

الشيخ صادق النابلسي، لمن لا يعرفه، هو أستاذ جامعي، وفي الوقت نفسه شقيق المسؤول الإعلامي في ح-ز-ب ا-ل-ل-ه، الحاج محمد عفيف. وهو كرّر في مقابلتيْن، الأولى على شاشة قناة “otv” بتاريخ 17 آذار الجاري، والثانية على شاشة قناة “الجديد” بتاريخ 20 منه، أنّ أمراً ما يجري تركيبه بين القيادة العسكريّة الأميركيّة وبين قيادة الجيش

وضمن الحملة على قائد الجيش العماد جوزيف عون قال النابلسي إنّ “قيادة الجيش تعمل وحدها، ولا تردّ على أحد، والكثير من المساعدات تأتي (للجيش)، وتجري الكثير من الاتصالات بين جيوش دول العالم وبين الجيش اللبنانيّ، فلا يعلم بها رئيس الجمهوريّة ولا مجلس الوزراء، بينما الجيش مؤسّسة يُفترض أن تكون خاضعة لمجلس الوزراء، لكن يجري اليوم تجاوز هذا الاعتبار”.

وفي رواية “ح-ز-ب ا-ل-ل-ه” المُتداوَلَة” على لسان النابلسي، أنّ “ما يجري على الحدود بين لبنان وسوريا يُنبئ بأنّنا إذا دخلنا في الفوضى الشاملة، فإنّ الحزب يمكن أن يسيطر على البلد، ويجب الاستعداد لهذا الاحتمال (من قبل خصوم الحزب)، والإتيان بقوّات مصريّة مقبولة من البيئة (السنّيّة) في البقاع، والبعض يطرح بلدة غزّة لتكون مقراً لقيادة القوات المصريّة، متوعّداً بإسقاط هذا المخطّط”.

من المهمّ التعمّق في قراءة ما يقوله النابلسي، لأنّه قال عمليّاً ما لم يقُلْه الأمين العام للحزب في كلمته (يوم “الجريح المقاوم” في 18 آذار الجاري) واستكمل عمليّاً دائرة التهديد الداخليّة والخارجيّة، عندما رأى أنّ الحزب “يمكن أن ينجرّ في لحظة معيّنة خلال الفوضى، وأن نرى مشهداً مشابهاً لمشهد السابع من أيّار 2008”.

يتصرف “ح-ز-ب ا-ل-ل-ه” على أنّ لبنان بات ملكيّة إيرانيّة، وأنّ سيطرته أمرٌ طبيعيّ على قاعدة أنّه “المنتصر” في الحروب، وأنّ أيّ محاولة لتحرير البلد من ربقة الاحتلال الإيرانيّ هي فِعْلُ حرب يستدعي الحرب المقابلة. أي أنّ الحالة “العادية” هي الاحتلال السياسي الإيراني، وأي محاولة من الرهينة للتملّص من الأسر، قد تودي بحياتها أو قد تعرّضها لرضوض كبيرة. ولهذا يجد أنّ ضبط الحدود وإغلاقها وحصر صلاحيّة السيطرة عليها بالجيش اللبنانيّ، عمل عدوانيّ، لأنه يقطع شريان الإمداد الممتدّ من إيران إلى لبنان.

لكنّ ما لم يقُلْه الأمين العام للحزب مباشرة، وتجاهله النابلسي مداورةً، هو ما بات يتردّد صداه في بعض العواصم المعنية، عن تحضير إيران لفرقٍ وألويةٍ من الحشد الشيعيّ الآتية من العراق، والمنتشرة في سوريا، لاقتحام الحدود اللبنانيّة من جهتيْ البقاع وعكّار. وهذا ما دفع إلى استنفار عربيّ ودوليّ، لتطويق الخطة الإيرانيّة الهادفة إلى احتلال لبنان على طريقة النموذج اليمنيّ، وفرض وقائع يصبح معها مستحيلاً تحريرُ البلد. وهنا لا يمكن تجاهل أو تناسي الإعلان السابق لنصرالله عن جهوزيّة فصائل “الحشد الشعبيّ” لدخول لبنان مساندةً لـ”المقاومة”. ومن هنا يمكن قراءة “الاستنفار الإعلامي” على لسان النابلسي وعلّيق، بوجه الزيارة الأميركية إلى البقاع.

يتصرف “ح-ز-ب ا-ل-ل-ه” على أنّ لبنان بات ملكيّة إيرانيّة، وأنّ سيطرته أمرٌ طبيعيّ على قاعدة أنّه “المنتصر” في الحروب، وأنّ أيّ محاولة لتحرير البلد من ربقة الاحتلال الإيرانيّ هي فِعْلُ حرب يستدعي الحرب المقابلة

أما بالنسبة إلى الجيش فالحزب يعترف أنّه لا توجد سلطة سياسيّة قائمة الآن، كما قال نصرالله عندما وصف الوضع في البلد، في كلمته الأخيرة، وتحدّث عن ضغوط تمارسها السفارات على قيادات المؤسّسة العسكريّة… لذا يريد حصر حركة قيادة الجيش في دائرة سيطرته المباشرة، وأن يلغي خصوصيّة المؤسّسة العسكريّة، خصوصاً بعد انتفاضة العماد جوزيف عون على فشل “المسؤولين” في توفير الاستقرار السياسيّ والاقتصاديّ والماليّ، وفشلهم أيضاً في توفير احتياجات الجيش، حتّى وصل به الحال إلى الاعتماد على المساعدات للحفاظ على الاستمراريّة.

يعترض “ح-ز-ب ا-ل-ل-ه” ويخشى أن تكون الدعوات للجيش إلى إقامة حكومة انتقاليّة، في حال استمرار الفشل السياسيّ في تشكيل حكومة، مدخلاً لإقدام العماد جوزف عون على هذه الخطوة التي ستحصل على دعم عربيّ ودوليّ، خصوصاً أنّ في السودان سابقةً قاد خلالها الجيشُ العمليّة الانتقاليّة، مع فارق الحال والخصوصيّات بين لبنان والسودان.

ومن المفارقات أنّ حليف الحزب الأوّل العماد ميشال عون تولّى حكومة انتقاليّة بعد انتهاء عهد الرئيس أمين الجميّل، وخاض خلالها حرباً مدمّرة ضد اتفاق الطائف، وهو اليوم يقف من جديد، في قصر بعبدا، محارباً اتفاق الطائف، متصدّياً لاحتمال تشكيل حكومة انتقاليّة عسكريّة.

وفي مؤشِّر لا يحتاج إلى تفسير، سأل صادق النابلسي: “ألا يحقّ للسيّد نصرالله أن يكون مرشد الجمهوريّة، على قاعدة أنّ الفصيل الذي يقاوم وينتصر هو الذي يتولّى الحكم”.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها