جورج عيد

الأربعاء ٧ نيسان ٢٠٢١ - 14:41

المصدر: صوت لبنان

ما المطلوب لإنقاذ لبنان؟

في الثاني من أيلول ٢٠٢٠ ، بعد زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى بيروت، حُكي عن مبادرة فرنسية-لم يُكتب لها النجاح حتى الآن- لحَل الأزمة اللبنانيه مجدداً. فهل ستنجح؟ و هل ستحصن لبنان و تنتشله من الإنهيار و تمنع تغيير هويته؟

تجربة الحل الخارجي ، سواء كان “مُعلباً” أم “مفروضاً” أو Win Win Situation, لم يُعمر، أبدًا ، بل كان دائماً تمهيداً لمشكل أكبر و أزمة أكثر تعقيدا.

في الأول من أيلول ١٩٢٠ أعلن الجنرال الفرنسي غورو قيام دولة لبنان الكبير ، و بعد ١٠٠ عام يكاد الجنرال اللبناني ، الرئيس ميشال عون يعلن ،و بكل أسف ، إفلاس و انتهاء دولة لبنان الكبير ، عندما حذَّر من أن لبنان “رايح على جهنم”.
١٠٠ عام و لم نتمكّن من الحفاظ على ما ورثناه ، على قِلّته ، من لبنان ١٩٢٠.

عام ١٩٤٣ جمع الميثاق الوطني “اللبنانيين الأضّداد” على فكرة لبنان المحايد عن الشرق و عن الغرب، و كان الميثاق الوطني الشهير ، فازدهر لبنان ، ثم تفرّقوا عام ١٩٥٦ بعد انضمام لبنان في عهد الرئيس شمعون إلى حلف بغداد مقابل مطالبة قسم آخر من اللبنانيين بالإنضمام إلى الوحدة العربية و الخلاص من “الحكم الغربي” المبّطن في مَلَكية العراق و الأردن الفتيّ، فخرب لبنان، و اندلعت “ثورة” ١٩٥٨، الحرب اللبنانية الأهلية الأولى.

إنتهت “ثورة”١٩٥٨ بشعار ” لا غالب و لا مغلوب”، بمباركة مصرية من الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان يمون مّونة كبيرة، إلى حد الأمر، على “العروبيين اللبنانيين”، فعادت الحياة إلى لبنان و ازدهر مجدداً في محاولة الرئيس فؤاد شهاب تمتين أسس الدولة ، و كانت تجربة ال” ٦ و ٦ مكَرر “.

و لكن في عام ١٩٦٩ انفرط عقد الوحدة مجددًا بين اللبنانيين وكان الخلاف هذه المرة، على مبايعة منظمة التحرير الفلسطينة ، و الذي نَتج عنه إتفاق القاهرة و الذي أدى إلى حرب ١٩٧٥ اللبنانية الأهلية الثانية.

على أثرها انعقد مؤتمر الرياض سنة ١٩٧٦ في محاولة لوضع حد للحرب الأهلية الثانية، و ككل الحلول المفروضة من الخارج و التي تطبق جزئيًا، تحوّلت قوات “الردع” التي أقرَّها المؤتمر إلى قوات إحتلال، و مهَّدت أحداثها للعدوان و الاجتياح الإسرائيلي عام ١٩٨٢.

تأمّل اللبنانيون خيرًا بانتخاب الرئيس الشيخ بشير الجميل سنة ١٩٨٢ و عاشوا حلم “الجمهورية القوية” الحقيقية ، فانتظمت الدولة و “تَرَهْبَن” المرتشي و خاف الراشي و التزم القانون .

مات الأمل عند اللبنانيين مع استشهاد الرئيس بشير الجميل و انتشرت القوات المتعددة الجنسيات ، حاربتها المليشيات اليسارية اللبنانية المدعومة من سوريا و انقسم الجيش في ٦ شباط ١٩٨٤، و لم تهدأ الحال، بالرغم من إعلان مبادئ للصلح في مؤتمري جنيف و لوزان سنة ١٩٨٤.

في نهاية سنة ١٩٨٥ فُرِض على لبنان الإتفاق الثلاثي من دمشق، رُفِض هذا الإتفاق و دخل لبنان بأول فراغ رئاسي بتاريخه سنة ١٩٨٨ . سقط هذا الإتفاق و أسقط معه الجمهورية الأولى.

“دشَّنت” الحكومة الانتقالية برئاسة العماد عون عهدها ” القوي الأول” باجتماع مع لجنة من الجامعة العربية في أوائل شباط ١٩٨٩ في تونس ، تبع ذلك أول ” حرب إلغاء ” ضد القوات اللبنانية في ١٤ شباط ١٩٨٩ و تحوَلت سريعاً و بسحر ساحر تخطّى توقعات ميشال حايك ، في ١٤ آذار ١٩٨٩ إلى ” حرب التحرير” ضد الاحتلال السوري نتج عنها في نهاية ١٩٨٩ اتفاق الطائف ، الذي أنهى الحرب اللبنانية الأهلية الثالثة ، و جمع على عِلّاته الكثيرة و الكبيرة ، اللبنانيين مجددًا ، لكن بالإكراه ، و إنقسموا بين مبايع هذه المرة للسوري أو عدمه.

و عرف لبنان إزدهاراً ولكن على شكل “وَرَم” حتى ٢٠٠٥، تاريخ الجلاء السوري عن لبنان.
و منذ ٢٠٠٥ و لغاية اليوم، مروراً بمؤتمر سان كلو الفاشل في فرنسا، في تموز ٢٠٠٧ و أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨ و مؤتمر الدوحة سنة ٢٠٠٨ ،و اللبنانيون منقسمون مجددًا بين مبايع لإيران ، الداعمة لحزب الله أو عدمه ، فخرب و إنهار ما تبقى من لبنان .

الدرس القاتل ١:
كل حل آتٍ أو مفروض أو مُهَندس في الخارج يشبه إبرة “مورفين” لمريض ينازع من مرض عضال و مشروع هدنة مؤقتة لفتنة داخلية لاحقة أو حرب أهلية أو أزمة دستورية أو تعطيل نيابي أو تعطيل حكومي أو تعطيل رئاسي.

الدرس القاتل ٢:
كلّما إتحد اللبنانيون على لبنان واحد و محايد،كان الإزدهار الفعلي للبنان . لكن عندما يكون ولاء قسم من اللبنانيين إلى الخارج ، تكون النتيجة خرابًا و انهيارًا للبنان.

المطلوب ١:
” عامية بيروت ٢٠٢٠” من أجل قيامة لبنان
على مبدأ: ” لبنان أولًا و الطائفة و الزعيم آخراً”.

المطلوب ٢:
مشاركة اللبنانين بكثافة في الإنتخابات النيابية و حسن إختيار النواب و عدم الوقوع في أخطاء الإنتخابات الأخيرة سنة ٢٠١٨ و التي لم تكن في مصلحة لبنان ، و لم تَحمِ لبنان من الانهيار الكامل، السياسي و الإجتماعي و الإقتصادي.

المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها