المصدر: صوت لبنان
متى تدخل الولايات المتحدة “حرب الإسناد”؟
لا مكان لأي اتفاق نووي أو غير نووي اليوم أو غداً أو بعد غد!
ولا يمكن لإيران، من جهتها، أن توافق على توقيع وثيقة استسلامها. وكل اتفاق اليوم يعني استسلام إيران!
وهذا الاستسلام عرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المرشد الإيراني السيد علي الخامينيئي؛ فأعطاه الخيار في رسالته في آذار/مارس الماضي بين التفكيك الطوعي للبرنامج النووي الإيراني وبين تلقي ضربة عسكرية رهيبة!
إذ أن العرض الأميركي الوحيد لإيران هو تفكيكها طوعاً لبرنامجها النووي! في حين أن إيران تتمسك بحقوقها النووية بحسب وزير خارجيتها عباس عرقجي.
وهو ما تعتبره اسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا “مخاطر نووية جدية” ضد الكيان الاسرائيلي… والعالم كله! وبالتأكيد، فإن اسرائيل لن توقف الحرب قبل التدمير الكامل للبرنامج النووي الإيراني! ما يبشر أن الحرب طويلة ومكلفة، ولن تنتهي في اسبوعين كما يتوقع الكثيرون!
اسرائيل تعتبر احتمال امتلاك إيران للقنبلة النووية هو خطر وجودي عليها! وهو أكبر المخاطر على مستقبلها، كما كان أكد مراراً رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو!
نقطة الانطلاق لضرب إيران جاءت خلال المكالمة الهاتفية بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين! وخرجت المعادلة: إيران مقابل اوكرانيا!
كل ذلك، وسط مزيد من التهديدات الاسرائيلية بتوسيع نطاق ضربات المواقع النووية الإيرانية، وزيادة استهداف مواقع الدفاعات الجوية فيها!
في حين أن إيران تعتبر أن اسرائيل قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء بضربها مواقعها النووية!
لن تتأخر الولايات المتحدة في دخول حرب الإسناد لمساندة اسرائيل. فاسرائيل تحتاج لخدمات الطائرات الأميركية كالقاذفة B52 ، أو طائرة الشبح B2 Spirit ، وذلك لضرب بعض التحصينات النووية مثل موقع فوردو!
اسرائيل كانت دعت الولايات المتحدة الى المشاركة مباشرة في الحرب (مشاركة بطائراتها الخاصة وقاذفات القنابل الكبرى التي لا تملكها اسرائيل) لضرب موقع فوردو تحديداً التي لا يمكن للمقاتلات العادية، حتى لل F35 أو F16 أو F22 من اختراقه بصواريخها، بحكم تواجده في منطقة جبلية وبعمق كبير.
ضرب فوردو إذا ما حصل سيكون منعطفاً كبيراً في الحرب الجارية بين اسرائيل وإيران!
إذ تحولت العمليات العسكرية بين اسرائيل وإيران، والمستمرة منذ أربعة أيام الى حرب مفتوحة، تأخذ كل يوم أبعاداً جديدة!
اسرائيل تستهدف المنشآت النووية؛ من نطنز وأصفهان وفوردو الى منشآت نفطية ومصانع وأهداف استراتيجية في تبريز وبارس.. وصولاً الى قلب طهران. مع تعييد مفاعل بوشهر النووي، الكهربائي المدني، ومفاعل أراك حتى اليوم.
في المقابل، نجحت إيران في تحقيق اصابات مباشرة في داخل تل أبيب وحيفا. ونجحت في تدمير أكثر من 50 مبنى معتبرة أن كل ما تقوم به هو من موقع الدفاع عن النفس، معتبرة أنها لا تريد التوسع في الحرب!
إصابات مباشرة وقاسية غير معتاد عليها الرأي العام الاسرائيلي.
والنتيجة هي 24 قتيلاً وحوالى 500 مصاباً من الجانب الاسرائيلي في الأيام الأربعة الأولى للحرب!
وذلك، في حين أنه تمّ تسريب وثيقة “سرية” عسكرية اسرائيلية سابقة لانطلاق الحرب تقول إن التوقعات في خسائر الحرب في اسرائيل تصل الى 800 قتيل و4.000 جريح اسرائيلي.
والمفارقة أن الرأي العام الاسرائيلي داعم بقوة للحرب على إيران باعتبارها رأس المخاطر ضد الوجود الاسرائيلي.
في إيران، حوالى 300 قتيل، وأضرار وخسائر هائلة. والبرنامج النووي تَعرَّض لأضرار كبيرة جداً، خاصة في الأماكن الظاهرة في نطنز وأصفهان. وإن كان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي أكد أن المنشآت السفلية لمحطة نطنز لم تتأثر بالضربات حتى الساعة!
الولايات المتحدة تعتبر نفسها غير مشاركة في الحرب حتى الآن! والرئيس الأميركي دونالد ترامب يقول إن الولايات المتحدة لم تشارك في هذا الحرب! في حين أن وزير الخارجية الإيراني عرقجي يؤكد عكس ذلك!
ومع ذلك، فإن الأصوات الديمقراطية وحتى بعض الأصوات الجمهورية في الولايات المتحدة تعتبر أن الحرب بين إيران واسرائيل لا تخص الولايات المتحدة مباشرة، وإن كانت موافقة بمجملها على الاستمرار بالدعم المالي واللوجستي لاسرائيل!
*الاتحاد الأوروبي يدعو كل من اسرائيل وإيران الى ضبط النفس… فقط!*
الاتحاد الأوروبي قلق! وهو يحذر من مخاطر التصعيد بين اسرائيل وإيران! وهو يبدو عاجزاً عسكرياً ومشلولاً ديبلوماسياً. ويكتفي بإطلاق المواقف في الإعلام، ويكتفي بالمناشدات!
وهو موقف مشابه لدوره في الحرب على غزة، في الحرب على لبنان، وهو أفضل من دوره في الحرب الروسية – الأوكرانية التي اتخذ فيها موقفاً مع أوكرانيا ضد روسيا، بدلاً من أن يلعب دور الاطفائي والوسيط في الحرب الجارية على الأرض الأوروبية!
وفي تطور ولو بسيط، قامت مسؤولة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كلاس بدعوة وزراء الخارجية الأوروبيين الى اجتماع فيديو للبحث في تطورات الحرب بين اسرائيل وإيران.
من جهتها، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تعرض على إيران إطلاق مباحثات نووية. ولكنها بالتأكيد تحتاج لأن تنتظر دورها خلف الأميركيين.
موقف فرنسا الخاص ليس أفضل حالاً! فموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان مناشدة الإيرانيين بعدم التعرض للمواطنين الفرنسيين وللمصالح الفرنسية في المنطقة!
الرئيس ماكرون دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للعودة الى طاولة المفاوضات بأسرع وقت ممكن. معتبراً أن كل المنطقة تواجه مخاطر الاضطرابات والتوتر.
وكان الرئيس ماكرون قد أكد للرئيس بزشكيان أن العودة الى طاولة المفاوضات هي السبيل الوحيد للعودة الى تهدئة الأوضاع. فيما اعتبر بزشكيان أن العودة الى طاولة المفاوضات مستحيلة في ظل المطالب الأميركية المستحيلة والتعجيزية!
وفي كل الأحوال فإن أوروبا ليست مدعوة الى طاولة المفاوضات النووية، التي ان استمرت، فهي ستكون أميركية – إيرانية حصراً! إلا إذا “تكرّم” الأميركيون على الأوروبيين بالمشاركة!
من جهتها، بريطانيا تتحضر فعلياً للمشاركة في الحرب الى جانب اسرائيل بتأكيد رئيس حكومتها كير ستارمر على إرسال مقاتلات وطائرات بربطانية الى الشرق الأوسط للمشاركة إذا ما لزم الأمر!
أي أن بريطانيا ستقوم ب “حرب إسناد” لمساندة اسرائيل إذا ما دعت الحاجة! وهي قد تسبق بذلك تدخل الولايات المتحدة، وبالتنسيق معها بالتأكيد!
والتصرف البريطاني هو مؤشر الى ترقب تدهور الأمور عسكرياً في المنطقة، ومؤشر الى تصاعد منسوب التوتر العسكري بين اسرائيل وإيران!
المستشار الألماني فريدرش مرتس، كان دعا الحكومة الأمنية الألمانية الى الاجتماع العاجل بعدما كانت الحكومة الاسرائيلية قد أبلغته عن الضربة التي كانت ستواجهها لإيران. وهو دعا بعدها الأطراف الى ضبط النفس. ولم يخفِ نيته في دعم اسرائيل!
في وجه عام، يقوم الأوروبيون بالتنسيق مع الولايات المتحدة. وهم في الواقع يمشون خلفها في كل الملفات والحروب.
والأوروبيون الذين يطالبون بالتهدئة يؤكدون كما أكد الرئيس ماكرون، ولو بتحفظ، على حق اسرائيل المشروع بالدفاع عن نفسها. ولا ينسون توجيه اللوم الى إيران بسبب برنامجها النووي، الذي يعتبرونه خطيراً، حتى ولو ساهم بعضهم ببنيانه!
مرة جديدة تثبت أوروبا أنها لاعب احتياط. وليست لاعباً أساسياً على المسرح الدولي. فالقرارات الدولية بالفعل لا تحتاج لها ولا للهيئة العامة للأمم المتحدة ولا لمجلس الأمن… بل يكفي اليوم لاتخاذ القرارات الكبرى مكالمة هاتفية بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين… “وبس”! “والباقي خس”، كما تختصر بتهكم المقولة الشعبية اللبنانية!
العمل على تغيير النظام في إيران لا يشمل إنقلاباً عسكرياً، بل تبديلاً في موازين القوى بين التيار الإصلاحي الرئاسي بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان وبين الحرس الثوري. وتساعد الاغتيالات الاسرائيلية لكوادر الحرس الثوري في الذهاب بهذا الاتجاه!
الحرب مستمرة، وهي لن تقف على بوابة “الأسبوعين” فقط! فالمعركة هي معركة “كسر عظم”!
ومن جهة الجانب الاسرائيلي فإن الفاتورة المفتوحة، والنازفة بقوة، لن تُقفل كي لا تحتاج لفتحها من جديد! وإيران تراهن، كما راهن حزب الله من قبل، على عامل الوقت! ولكن الوقت لا يبدو في مصلحتها، لأنه قد يشهد تشكيل حلف دولي أميركي – أوروبي ضدها!
المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها